الأسئلة الحديثية

متى يُضَعّف الحديث بالاضطراب، ومتى لا يُضَعَّف؟

متى يُضَعّف الحديث بالاضطراب، ومتى لا يُضَعَّف؟

الاضطراب منه ما هو قادح، ومنه ما هو غير قادح، فغير القادح: مطلق الاختلاف بين الرواة، ولكي يكون قادحاً، فلا بد من توفر شرطين:

1 تكافؤ الطرق، وهذا معناه: أن يكون المختلفون على أحد الرواة بمنزلة واحدة، فلا تستطيع أن ترجع أحد الجانبين على الآخر.

2 تعذر الجمع بين أقوال المختلفين، وذلك يكون إذا روى أحد الجانبين الحديث سالماً من العلّة، بخلاف الآخر، أمّا إذا كان كل منهما قد سمى شيخاً ثقة؛ فيقال في مثل ذلك: حيثما دار الإسناد دار على ثقة([1]).

ويمكن الجمع أيضاً إذا كان الاختلاف على شيخ مشهور بالرحلة وكثرة الحديث والمشايخ، فيقال في الاختلاف على مثل هذا: له شيخان، أو رواه على الوجهين، أو كسل فأرسل أو وقف، ونشط فأسند أو رفع، وهكذا([2]).

وأمَّا الاختلاف على سيِّئ الحفظ؛ فالعهدة عليه، وينبغي ألا يُمَثل بذلك في هذا الباب؛ لأنَّ الحديث لو سلم من الاضطراب لم يصح بسبب سوء حفظ راويه، والمقصود التمثيل بحديث لولا علة الاضطراب لكان صحيحاً، والله أعلم([3]).



([1]) في «النكت» لابن حجر (2/773): لأنَّ الاضطراب هو الاختلاف الذي يؤثر قدحاً.

واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر، ذلك لأنَّه إن كان ذلك الرجل ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقات في اسمه فتأمل ذلك.

هذا وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى شروط الاضطراب فقال في «هدي الساري» (ص:367):… وإذا تقرر ذلك كانت دعوى الاضطراب في هذا الحديث منتفية؛ لأنَّ الاختلاف على الحفاظ لا يوجب أن يكون مضطرباً إلا بشرطين:

أحدهما: استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم ولا يعل الصحيح بالمرجوح.

ثانيهما: مع الاستواء أن يتعذَّر الجمع على قواعد المحدثين ويغلب على الظن أنَّ ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الراوية وحدها بالاضطراب ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث… إلخ اهـ.

وانظر «تدريب الراوي» (1/267) و«تمام المنة» (ص:17).

([2]) انظر ما أثبتناه في تعليقنا على السؤال رقم (16).

وانظر كذلك ما قاله الحافظ في «هدي الساري» (348) والله أعلم.

([3]) انظر بعض الأمثلة على ذلك في صفحات «النكت» على ابن الصلاح للحافظ ابن حجر (2/773، 779، 785، 810).

للتواصل معنا