الأسئلة الحديثية

الراوي إذا قيل فيه: «سيء الحفظ لكن كتابه صحيح»، فما حال روايته؟

الراوي إذا قيل فيه: «سيء الحفظ لكن كتابه صحيح»، فما حال روايته؟

الأمر لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يذكروا في ترجمته أنَّه روى الحديث الفلاني من كتابه، أو أخذه عنه فلان من كتابه، أو أنَّ فلاناً ما روى عنه إلا من أُصوله، أو يقول تلميذه: حدثني فلان من كتابه، أو ناولني كتابه، أو غير ذلك، وإما أنَّهم لم يذكروا شيئاً من ذلك، فإن ذكروا الأول فلا إشكال؛ لأنَّ العيب فيه إذا حدث من حفظه، أما إذا حدث من كتابه، فكتابه صحيح، والظاهر أنَّ الحديث يكون حسناً أو صحيحاً([1])، أما إذا لم يذكروا شيئاً من ذلك، فنحن نقف في روايته، ولا نحتج بها؛ لأنّنا لم نتأكد من ضبطه لهذا الحديث، وعدم علمنا بأنَّه حدث من حفظه بهذا الحديث، ليس معناه أنّنا علمنا أنَّه رواه من أصله، فعدم العلم لا يلزم منه العلم بالعدم، ولا بد في صحة الراوية من تحقيق الضبط، ولا يكفي عدم العلم بالجرح؛ لأنَّ عدم العلم بالجرح، لا يلزم منه ثبوت الضبط، والله أعلم.



([1]) قال الخطيب البغدادي رحمه الله في «الكفاية» (ص:332): باب في أنَّ سيء الحفظ لا يعتد من حديثه إلا بما رواه من أصل كتابه.

ثم ساق سنده إلى أبي داود السجستاني، قال: سمعت أحمد بن حنبل قال: قال عفان، ثنا همام يوماً بحديث، فقيل له فيه، فدخل فنظر في كتابه، فقال: ألا أراني أخطئ وأنا لا أرى فكان بعد يتعاهد كتابه.

وبسنده، عن يحيى بن سعيد، قال: إذا حدَّثكم المعتمر بن سليمان بشيء فاعرضوه، فإنّه سيء الحفظ.

وبسنده أيضاً، عن أبن عمار أنَّه قال: «شريك كتبه صحاح، فمن سمع منه من كتبه فهو صحيح، قال: ولم يسمع من شريك من كتابه إلا إسحاق الأزرق. اهـ.

هذا ومن شرط الراوية من الكتاب: أن يكون سماع الراوي ثابتاً وكتابه متقناً.

قال الخطيب أبوبكر في «الكفاية» (ص:339): ونرى العلّة التي لأجلها منعوا صحة السماع من الضرير والبصير الأمي، هي جواز الإدخال عليهما ما ليس من سماعهما، وهي العلّة التي ذكرها مالك فيمن له كتب، وسماعه صحيح، فيها غير أنّه لا يحفظ ما تضمنت فمن احتاط في حفظه كتابه ولم يقرأ إلا منه وسلم من أن يدخل عليه غير سماعه، جازت روايته.

وفي (ص:344) ساق سنده إلى عبدالرحمن بن مهدي، أنّه قال:… لولا أنَّها بخطي ما حدّثت بها، قال: ومن شروط صحة الراوية من الكتاب: أن يكون سماع الراوي ثابتاً وكتابه متقناً. اهـ والله أعلم.

للتواصل معنا