ما هو الفرق بين عمل صاحب «المستخرج»، وعمل صاحب «المستدرك»؟
صاحب المستخرج يعمد إلى متون الكتاب المستخرّج عليه، ويأتي لها بأسانيد من غير طريق صاحب الكتاب المخرَّج عليه، وسواء التقى معه في شيخه أو فيمن فوقه، وقد يزيد زيادات في المتن أو في السند، مثل تصريح مدلس بالسماع، أو رواية متقدِّم عن مختلط، أو غير ذلك، وقد يسقط بعض المتون لعدم الوقوف على إسناد له من غير طريق صاحب الكتاب، وقد يرويها من طريق صاحب الكتاب، كما قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – ([1])فصاحب «المستخرج» همه الإسناد، وقد يزيد أحاديث ليست في الأصل المخرّج عليه، على سبيل المثال، حديث: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» فقد أخرجه أبو عواند في «مستخرجه»، وعن ابن معين أنه قال: منكر، ومسلم رحمه الله لم يخرجه، واستنكر ذلك السخاوى في «الفتاوى الحديثية» السؤال السادس، أما صاحب «المستدرك» فهمه المتن، فهو يأتي لرجال أخرج لهم صاحب الكتاب المستدرك عليه بعض المتون، ويُلْزِمه أن يخرج هذه المتون؛ لأنها عن نفس الرجال، أو عن رجال في درجتهم.
لكن لو نظرنا إلى الحاكم – رحمه الله – في «مستدركه» وجدناه يلزم الشيخين بأحاديث بعضها قد أخرجاها أو أحدهما، وبعضها لا يلزمهما إخراجها؛ لأنهما لم يلتزما إخراج كل الصحيح، بل التزما إخراج الصحيح، ولم يشترطا الاستيعاب([2])، وبعضها يكون مخطئاً في تصحيحها، فضلا عن كونها من أعلى درجات الصحة، وقد تكلم الحافظ ابن حجر على ذلك([3])، وانظر «الباعث الحثيث» ص: (24)، والله أعلم.
([1]) انظر «النكت على ابن الصلاح» (1/321-323)، و«تدريب الراوي» للسيوطي (1/112).
([2]) قال الإمام البخاري – رحمه الله تعالى -: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح مخافة الطول. وقال الإمام مسلم: كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه يريد ما وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليها. وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم قاله ابن الصلاح… إلخ. قال النووي في «شرح مسلم».
وقد ألزمهما الدارقطني وغيره إخراج أحاديث على شرطهما لم يخرجها وليس بلازم لهما. لعدم التزامهما ذلك. انظر «تدريب الراوي» (1/98) والله أعلم.
([3]) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «النكت» (1/418): «ومن أعجب ما وقع للحاكم أنه أخرج لعبدالرحمن بن أسلم وقال بعد روايته: هذا صحيح الإسناد… مع أنه قال في كتابه الذي جمعه في الضعفاء عبدالرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن المحمل فيها عليه. وقال في آخر هذا الكتاب: فهؤلاء الذين ذكرتهم قد ظهر عندي جرحهم لأن الجرح لا أستحله تقليداً. اهـ.