الأسئلة الحديثية

ذكر الحافظ الذهبي والشيخ المعلَّمي – رحمهما الله تعالى – أن الراوي المدلس تقبل عنعنته إذا روى عن شيخ قد أكثر عنه، أو طالت ملازمته له – فهل هذا على إطلاقه؟

ذكر الحافظ الذهبي والشيخ المعلَّمي رحمهما الله تعالى أن الراوي المدلس تقبل عنعنته إذا روى عن شيخ قد أكثر عنه، أو طالت ملازمته له فهل هذا على إطلاقه؟([1])

في التسليم بما قالاه بحث. ووجه كلامهما أن الراوي المدلس، بما أنه مكثر عن شيخه، وملازم له، فقد عرف حديثه من حديث غيره، فإذا سمع حديثاً منه،، وصرح بسماعه فلا إشكال، وإذا سمع حديثاً وعنعن عنه، فيحتمل بأنه سمعه منه، ولا إشكال في ذلك، ويحتمل أنه سمعه بواسطة عنه، والفرض أنه يعلم حديثه من حديث غيره، والفرض أيضاً أنه ثقة في دينه، فلو كان يعلم أن هذا الحديث الذي سمعه بواسطة، ليس من حديث شيخه، لما استجاز لنفسه أن يجزم بنسبته إلى شيخه، وحديث شيخه، لما استجاز لنفسه أن يجزم بنسبته إلى شيخه، وحيث قد جزم، فقد ظهر له أنه من حديث شيخه، سواء سمعه مباشرة أو بواسطة، هذا وجه كلامهما رحمهما الله. وفي التسليم به بحث، ولو سلمنا بذلك لكان هذا مقيداً بمن هو مثل الأعمش والثوري في النباهة واليقظة، وترك الشره في الرواية، لا في كل مدلس، وهذا الذي تميل إليه النفس، وهو قبول عنعنة الأعمش وابن جريج وأمثالهما بالقيد السابق والله أعلم، أرجع إلى السؤال فأقول: ليس كل مكثر عن مدلس يزيل إكثاره عنه علة تدليسه؛ لأ، المدلس قد يكون ممن يدلس تدليس التسوية، وعلته حينئذ ليست منحصرة فيما بينه وبين شيخه، بل نحن نرتاب منه فيما فوق ذلك؛ لأنه يسقط الأدنياء الضعفاء، ويظهر الأجواد الرفعاء، ليستوي الإسناد بالثقات، فيصححه من نظر فيه. والله المستعان.



([1]) قال الحافظ الذهبي رحمه الله في «ميزان الاعتدال» (2/224) ترجمة سليمان بن مهران الكوفي الأعمش قال: قلت وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدرى به فمتى قال ثنا فلا كلام، ومتى قال «عن» تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم. كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. اهـ.

وفي «التنكيل» للمعلمي ص(865) قال رحمه الله:

كان ابن جريج يدلس عن غير عطاء، فأما عن عطاء فلا. قال: إذا قلت قال عطاء فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعت، وإنما هذا لأنه كان يرى أنه قد استوعب ما عند عطاء، فإذا سمع رجلاً يخبر عن عطاء بما لم يسمعه منه رأى أنه كذب فلم يستحل أن يحكيه عن عطاء، وهذا كما قال أبو إسحاق قال أبو صالح وعبدالرحمن بن هرمز الأعرج ليس أحد يحدث عن أبي هريرة إلا علمنا أصادق أم كاذب، يريدان أنه إذا حدث عن أبي هريرة بما لم يسمعاه منه علماً أنه كذب لإحاطتهما بحديث أبي هريرة. اهـ.

للتواصل معنا