الأسئلة الحديثية

كيف عرف الأئمة أن الراوي الفلاني مدلس؟

كيف عرف الأئمة أن الراوي الفلاني مدلس؟

يعرف ذلك بأمور:

1 أن يروي الراوي عن شيخه بصيغة محتملة، فيُسأل: هل سمعت هذا منه؟ فيُظهر واسطة أو أكثر، كما وقع من ابن عيينة في روايته عن الزهري([1]).

2 أن تكون أحاديثه التي صرح فيها بالسماع مستقيمة، والتي رواها بصيغة محتملة فيها المناكير، كما عَرَف ابنُ حبان تدليس بقية بن الوليد بهذا السبيل([2]).

3 أن يروي الحديث عن شيخه مباشرة بصيغة محتملة كـ: «عن، وقال، وذكر…» ثم يأتي فيروي عنه بواسطة لا سيما إن كانت الواسطة ضعيفة أو صغيرة، ما لم تظهر قرينة تدل على أنه سمعه نازلاً ([3])وعالياً.

4 أن يسقط الواسطة الضعيفة في الإسناد، ويسويه، كما عُلِم عن الوليد بن مسلم في حديث الأوزاعي.

5 أن يروي المناكير عن الثقات، كما قال أحمد: كنت أظن أن بقية يحدث بالمناكير عن المجاهيل، فرأيته يحدث بالمناكير عن الثقات فعلمت من أين أُتي يعني التدليس([4]) والله أعلم.([5])



([1]) قال الحاكم أبو عبدالله رحمه الله في «المعرفة» وقوم يدلسون الحديث فيقولون: قال فلان فإذا وقع إليهم من ينقر عن سماعاتهم ويلح ويراجعهم ذكروا فيه سماعاتهم انتهى من (ص104) اهـ مثال ذلك. ما جاء في «الكفاية» للخطيب (ص512) عن علي بن خشرم قال: كنا عند سفيان بن عيينة في مجلسه، فقال الزهري فقيل له: حدثكم الزهري؟.. فسكت، ثم قال الزهري فقيل له: سمعته من الزهري؟.. فقال: لا، لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري، حدثني عبدالرزاق عن معمر عن الزهري.

وفي التمهيد (1/31).

عن ابن معين قال: كان ابن عيينة يدلس فيقول: عن الزهري فإذا قيل له: من دون الزهري؟ فيقول لهم: أليس لكم في الزهري مقنع؟ فيقال: بلى فإذا استُضِي عليه يقول: معمر. اكتبوا لا بارك الله لكم. اهـ.

([2]) انظر المجروحين (1/200-201) وقد تقدم سياق القصة كاملاً في السؤال رقم (125).

([3]) قال ابن القطان رحمه الله: فإذا روي المدلس حديثاً بصيغة محتملة ثم رواه بواسطة تبين انقطاع الأول عند الجميع. اهـ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وهذا بخلاف غير المدلس فإن غير المدلس يحمل غالب ما يقع منه من ذلك على أنه سمعه من الشيخ الأعلى وثبته فيه الواسطة. لكن في إطلاق ابن القطان نظر لأنه قد يدلس الصيغة فيرتكب المجاز. كما يقول مثلاً ثنا وينوي حدث قومنا أو أهل قريتنا ونحو ذلك اهـ. ثم سرد رحمه الله أمثلة تدل على ذلك فلتراجع انظر «النكت» (2/625-626).

([4]) انظر «ميزان الاعتدال» (4/348) وقد سبق ذلك في السؤال رقم (167).

ومثاله ما ذكره أبو محمد بن ابن حاتم في «كتاب العلل» قال: سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهوية عن بقية قال: حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً «لا تحمدوا إسلام المرء حتى تعرفوا عقدة رأيه» فقال أبي أن هذا الحديث له أمر قلَّ من يفهمه روى هذا الحديث عبيدالله بن عمرو بن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: وعبيدالله بن عمرو كنيته أبو وهب وهو أسدي فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي له، قال كان بقية من أفعل الناس لهذا. اهـ من «التقيد والإيضاح» (97).

([5]) انظر «الميزان» (1/332)، «التهذيب» (1/476).

أقول: ومن الأمور التي يعرف بها تدليس الراوي كذلك.

إخباره عن نفسه بذلك، كما وقع لهشيم بن بشير عندما سأل طلابه. هل دلست لكم شيئاً قالوا لا. قال: بلى. كل ما حدثتكم عن حصين فهو سماعي، ولم أسمع من مغيرة من ذلك شيئاً. اهـ «معروفة علوم الحديث» (105).

للتواصل معنا