الأسئلة الحديثية

لماذا يروي بعض الأئمة الحديث بنزول عن بعض الرواة، مع إمكان الأخذ عن شيخه الذي به يكون الإسناد عالياً؟

لماذا يروي بعض الأئمة الحديث بنزول عن بعض الرواة، مع إمكان الأخذ عن شيخه الذي به يكون الإسناد عالياً؟

لا شك أنَّ علو الإسناد أمر مرغوب فيه لدى المحدثين، ولكن قد ينزل الراوي إذا كان ممن اشترطوا أنَّهم لا يروون إلا عن ثقة، ورأى الحديث بعلو من طريق الضعيف، وبنزول من طريق الثقة، فأراد أن يوفِّى بشرطه فينزل، كما فعل ذلك مالك بن أنس رحمه الله –([1]).

وقد يكون الشيخ المروي عنه ثقة فاضلاً، فيتتبع الرواة حديثه عالياً ونازلاً[2]، وقد يكون التلميذ من العارفين بحديث شيخه وعلله، ولذلك فقد كان بعض الأئمة يأخذ الحديث عن التلميذ البصير بعلل حديث شيخه؛ لأنَّه يضمن له سلامة الحديث من العلل، ويكون هذا شفاءً لما في صدره([3])، فعلى كل حال: فالنزول قد يكون توثيقاً للتلميذ الذي هو الشيخ المباشر للراوي، وقد يكون تجريحاً للشيخ الأعلى, وقد يكون توثيقاً للشيخ الأعلى، والله أعلم.



([1]) في «سير أعلام النبلاء» (5/167)، سئل أبو عبدالله أحمد بن حنبل عن عمرو بن شعيب فقال: «ربّما احتجبنا به وربّما وجس في القلب عنه ومالك يروي عن رجل عنه». اهـ.

[2] ومن ذلك قول أبي داود في إبراهيم بن سليمان بن رزيق: «ثقة ورأيت أحمد يكتب حديثه بنزول» (6/88) تاريخ بغداد.

([3]) في «تهذيب التهذيب» (11/218) قال ابن مهدي: «لو كنت لقيت ابن أبي خالد لكتبت عن يحيى القطان عن الأعراف صحيحها من سقيمها» اهـ.

وقد تكلّم المؤلف حفظه الله عن ذلك بتوسع في كتابه «الشفاء» (1/412-414) فليراجع، والله أعلم.