وماذا لو قال البخاري: «في حديثه نظر» هل يستشهد به؟ وكذا لو قال: «لم يصح حديثه»؟
القول الأول: يفيد أنَّ الراوي صالح في نفسه، لكن حديثه في حيز المطروح فلا يستشهد به، كما قال المعلمي – رحمه الله – في رده على الكوثري، انظر «التنكيل» (ص411-412).([1])
والفرق بينه وبين قوله: «فيه نظر» أنَّ هذا القول اتهام لصدق الراوي، وأمّا قوله: «في حديثه نظر» فهو اتهام لضبط الراوي، وأنَّه «شديد الضعف»، أو أنَّه خالف من هو أوثق منه.
وأما القول الثاني: فلا يلزم منه ضعف الراوي مطلقاً، فقد يقصد حديثاً بعينه، وقد يقصد أنَّ السند لم يصح إليه، كما في «لسان الميزان» ترجمة عبدالرحمن بن صفوان([2])، وقد يقصد البخاري جمع كل من يسمى باسم معين، أو يبتدئ اسمه بحرف معين في مكان واحد، وإن كان بعضم لم يرو إلا المقطوع، فيقصد جمع هذه الأسماء سواء رووا كثيراً أم قليلاً، ولا يقصد بذلك أنَّ الراوي ضعيف أو غير ضعيف، كما صرح بذلك ابن عدي، انظر مواضع ذلك في «شفاء العليل» (1/443-444).
([1]) قال المعلمي – رحمه الله تعالى -: «… ولم يقل البخاري في الحنيني: «فيه نظر» إنّما قال: «في حديثه نظر» وبينهما فرق فقوله: «فيه نظر» تقتضي الطعن في صدقه، وقوله: في حديثه نظر، تشعر بأنّه صالح في نفسه، وإنّما الخلل في حديثه لغفلة أو سوء حفظ… إلخ اهـ.
([2]) انظر «اللسان» (3/419)، قال الحافظ: وهذا إن كان مراده عبدالرحمن بن صفوان بن أمية فقد قيل أنَّ له صحبة فما كان ينبغي للمؤلف أن يذكره لأنَّ البخاري إذا ذكر مثل هذا إنَّما يريد التنبيه على أنَّ الحديث لم يصح إليه، وكذا هو فإن في حديثه اضطراباً كثيراً. اهـ.