الأسئلة الحديثية

إذا رأينا في ترجمة رجل أنَّ أحمد قال: «ثقة»، ومرة أخرى قال: «ضعيف»، فما حكمه؟

إذا رأينا في ترجمة رجل أنَّ أحمد قال: «ثقة»، ومرة أخرى قال: «ضعيف»، فما حكمه؟

ننظر أي القولين كان متأخراً عملنا به، أو أ/كن حمل التعديل على جهة، والتجريح على أخرى، عملنا بذلك([1])، لكن إذا لم نعرف شيئاً من ذلك، فالذي أجده من تصرف شيخنا الألباني رحمه الله أنَّه يعتبر التجريح، معلِّلاً ذلك بأن الناقد قد اطلع على جرح فيه، ويكون التوثيق مرجوحاً، أو مرجوعاً عنه، كما في عدة مواضع منها (3/111) من «الضعيفة»، لكن هذا القول ليست دلالته صريحة على ذلك، والله أعلم.([2])



([1]) قال السخاوي رحمه الله في «فتح المغيث» (1/310): «… كما يتّفق لابن معين وغيره من أئمة النقد فهذا قد لا يكون تناقضاً بل نسبياً في أحدهما أو ناشئاً عن تغير اجتهاده، وحينئذٍ فلا ينضبط بأمر كلي وإن قال بعض المتأخرين إن الظاهر أن المعمول به المتأخر منهما إنَّ علم وإلا وجب التوقف… إلخ.

([2]) قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في «الضعيفة»: لقد رأينا اسم ابن معين وابن حبان قد ذُكر في كل من القائمتين، الموثقين والمضعُفين، وما ذلك إلا لاختلاف اجتهاد الناقد في الراوي، فقد يوثقه، ثم يتبين جرحه به فيجرحه، وهذا الموقف هو الواجب بالنسبة لكل ناقد عارف ناصح، وحينئذ فهل يقدم قول الإمام الموثق أم قوله الجارح؟.

لاشك أنَّ الثاني هو المقدم بالنسبة إليه؛ لأنّه بالضرورة هو لا يجرح إلا وقد تبيَّن له أنَّ في الراوي ما يستحق الجرح به فهو بالنسبة إليه جرح مفسر، فهو إذن مقدم على التوثيق، وعليه يعتبر توثيقه قولاً مرجوحاً مرجوعاً عنه. اهـ.

أقول: إذا لم يعرف المتقدم من المتأخر فإنَّه يرجح بقرائن أخرى قبل القول بتقديم التجريح على التعديل.

ومن هذه القرائن كأن يكون بعض تلاميذ الإمام أكثر ملازمة له من بعض فتقدَّم راويه الملازم عى رواية غيره كما هو الحال في تقديم رواية عباس الدوري عن ابن معين لطول ملازمته له.

ومنها كذلك كثرة الناقلين لأحد القولين عن الإمام، ومنها كون أحد القولين أصح إسناداً إلى ذلك الإمام من القول الآخر.

فإذا لم توجد قرينة خاصة يرجّح بها فيؤخذ بأقرب القولين إلى أقوال أهل النقد وبالأخص أقوال الأئمة المعتدلين.

وهذا الترجيح لا يكون إلا بعد الجمع بين القولين إن أمكن كان يكون التوثيق، أو التضعيف نسبياً لا مطلقاً، وقد مرّ ذلك مفرقاً في هذا الكتاب والحمدلله، وانظر في ذلك ضوابط «الجرح والتعديل» (46-47) والله أعلم.

للتواصل معنا