تصحيح المفاهيم

الحكم بالإسلام أو الكفر أمر شرعي في الأصل

[ الحكم بالإسلام أو الكفر أمر شرعي في الأصل ]

الحكم على الآخر بالإسلام أو الكفر أمر شرعي في الجملة، إنما الإنكار على من يتناول ذلك، وهو ليس لهذا الشأن بأهل، فيكفّر المسلم الذي لم يرتكب الكفر، أو ارتكبه لكن يوجد مانع من إنزال الحكم عليه، فليس كل من وقع في الكفر يكفر، وكذا فليس كل من وقع في البدعة وقعتْ عليه البدعة، لاحتمال وجود مانع، أو تخلّف شرط من الشروط.

كما يُنْكَر على من يكون شأنه الاشتغال بهذا قبل أن يتضلع من العلوم والقواعد الشرعية، وقبل أن يتشبع بورع العلماء وتؤدتهم في هذا الباب الذي هو مزلّة أقدام، وضلالة أفهام.

وكذا يُنكَر على من ينزل الأحكام العامة على الأعيان، ثم يتولى بنفسه، أو بجماعته تنفيذ العقوبة على هؤلاء الأعيان، وهذا أمر يُرْجَع فيه إلى العلماء الراسخين، والقضاة العادلين، وولاة أمر المؤمنين؛ ضمانا للأمة من الوقوع في الفوضى، وحسْمًا لمادة الشر والتنازع، وإلا كانت الفتن التي تضرب أطنابها في كل اتجاه.

وكما يُنكَر على من يحكم بالكفر على المسلم للأسباب السابقة، فكذلك يُنْكَر على من يحكم على من لا يدين بدين الإسلام من أهل الملل الأخرى بأنه مسلم، إما لوجود عدْل عنه، أو لمناداته بحقوق الإنسان، وحرية التعبير – على تفاصيل في صِدْق وعدم ازدواجية المنادي بذلك – أو لكون الجميع يؤمن بأن الله موجود، أو لأن الكل يؤمن بالأديان السماوية ….. ونحو ذلك، فالحكم بالإسلام له شروط لا بد من مراعاتها، وإلا فالصنف الأول من غلاة التكفير والتبديع مُفْرِط، والصنف الثاني من الجفاة مُفَرِّط، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .

وهذا الانحراف عن جادة الصواب – إفراطا أو تفريطا – منشؤه اشتغال المرء بما لا يعنيه، ولا يحسنه، ولو تَرَكَ الأمر لأهله المختصين به؛ لأراح واستراح .

وما قيل في التكفير يُقال في التفسيق والتبديع، فالبدعة منها بدعة مُكَفِّرة، وبدعة مُفَسِّقة، والله تعالى أعلم.

أبو الحسن مصطفى بن اسماعيل السليماني.

24 رجب 1439 هـ