تصحيح المفاهيم

أهمية جمع الكلمة بين طوائف أهل السنة والجماعة

أهمية جمع الكلمة بين طوائف أهل السنة والجماعة

جمع كلمة الإتجاهات المنتسبة إلى أهل السنة والجماعة مطلب شرعي، وواجب حياتيّ، لكن بعض الناس تجاه هذا المطلب إما أن يسلك مسلك الإفراط، أو مسلك التفريط، فبعضهم ينظر إلى الحسنات وجوانب الإصابة في تلك الإتجاهات، ويغفُل عن جانب المخالفات والإنحرافات عندهم، فينطلق داعيةً إلى الإجتماع بين أهل الحق الصافي وهذه الإتجاهات، بحجة أن إلهنا واحد، وأن نبينا واحد، وأن كتابنا واحد، وأن قبلتنا واحدة، وهذا يُعجبُ المخالفين، ويفرقُ الموافقين، فيكونُ كمن طلب المزيد من الربح فضيّع رأس المال، وربما إبتلع المخالفون إخوانه، فصبغوهم بعُجَرهم وبُجَرهم.

وفي المقابل لهذا المسلك؛ فهناك من يرفضُ مدّ يده لإخوانه – وإن كانوا أقومَ منه قيلا، وأهدى منه سبيلا – نظرا لمخالفتهم وابتداعهم في نظره القاصر.

والصواب أن الإجتماع له صور ومراتب متفاوتة، فإعمال كل صورة ومرتبة في موضعها بشروطها، مع مراعاة الموازنة بين المقاصد والمفاسد، ومرحلة الإستخلاف ومرحلة الإستضعاف، والظروف التي تمر بها الدعوة، وأحوال المخالف، والحال والمآل في الإقدام أو الإحجام، ومن راعى ذلك فقد أخذ بالدين من جميع جوانبه.

فلا يجوز مثلا عدم مناصرة من يتصدى للرافضة – وإن أساء لنا في جوانب أخرى – بحجة أنه في جماعة أو حزب، أو طائفة نختلف معها، لأن هذا قد يفضي إلى تقوية شوكة الرافضة، الذين يطمسون عقيدتنا، ويعلّمون الأجيال أوابقهم وأوابدهم، وينصبون المشانق للدعاة وأهل الحلّ والعقد في الميادين العامة، ويتمتعون بالنساء ….. الخ، لأن أئمة السنة أفتوا بإعانة الأشاعرة على المعتزلة، مع أن خلافهم مع الأشاعرة لا يخفى على أحد، بل هناك من يرى في بعض كلامهم الكفر من التأويل المفضي إلى التعطيل، والبعض الآخر يخرجهم من دائرة السنة بالكلية ، والبعض الأخير يجعلهم أهل سنة فيما وافقوا فيه وأهل بدعة فيما خالفوا فيه، فلا يحكم لهم بهذا أو ذاك بإطلاق.

ولا يخفى كم إجتهد شيخ الإسلام ابن تيمية في الجمع بين كلمة الاشاعرة – على ما عندهم – وأهل السنة، حتى تمَّ له ذلك وذكر ذلك كما في مجموع الفتاوى على أنه من عمله الصالح.

بل لا يخفى على أحد رزقه الله بصيرة في الدين أن المؤمنين يفرحون بنصر أهل الكتاب على المشركين، بل عزا الله عز وجل وأضاف نصر أهل الكتاب على المشركين إليه سبحانه وتعالى فقال: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ) ، ولا يخفى الحكم على أهل الكتاب وعقائدهم الذين نزل فيهم صدر سورة الروم .

فلا يلزم من جمع الكلمة الذوبان في الجماعات الأخرى، ولا يلزم من محافظتنا على منهجنا وخصوصياتنا، أن نقوّي شوكة العدو الأكثر إنحرافا وحقدًا وفتكا بالحق وأهله من حيث لا نشعر.

والحق وسط بين طرفين، وهُدَى بين ضلالتين، ووادٍ بين جَبَلين: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا).

كتبه/ أبو الحسن السليماني

8/رجب/1439هـ