السؤال: ماحكم رواية الكذاب إن تاب من الكذب؟
ذهب أكثر أهل العلم على عدم قبول رواية الكذاب وإن تاب :
قال الخطيب – رحمه الله – ” فأما الكذاب على رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بوضع الحديث، وادعاء السماع ، فقد ذكر غير واحد من أهل العلم: أنه يوجب رد الحديث أبدًا، وإن تاب فاعله” (3) اهـ .
وخلاصة أدلة من يرى هذا القول :
1- أن هذا من باب التغليظ في زجر الكذاب، وردع أمثاله، فَيُردُّ عليه صدقه ، وتوبته فيما بينه وبين ربه .
2- سد الباب أمام من يريد أن يتوصل بإظهار توبته إلى قبول باطله ، قاله ابن الوزير في “التنقيح ” وانظر ” توضيح الأفكار ” (4) .
3- أن الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ليس كالكذب على غيره؛ فإن الكذب عليه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – تشريع دينٍ للناس ما أنزل الله به من سلطان .
4- عدم اطمئنان النفس إلى صحة توبته؛ لاحتمال أن يكون كاذبًا في ذلك، لاسيما إذا تعلق ذلك بمصلحة له ، وكما لا يُقْبل قوله بإقراره بوضع بعض الأحاديث – لأنه فاسق بذلك – فكذلك لا يُقْبَل قوله بتوبته ، بل منهم من قال: لا تصح توبته أصلاً – وإن أظهرها – لأن ما وضعه من الحديث سيعمل به الناس الذين لم يبلغهم تراجعه عنه ،فكيف يقال بتوبته؟ وفي بعض هذا التدليل بحث يطول والله أعلم .
قلت : ثبت أن بعض الأئمة قَبِلَ بعض رواية من تاب من الوضع، كما في ترجمة علي بن أحمد بن الحسن بن نعيم النعيمي في ” تاريخ بغداد ” (2) و ” الميزان ” (3) وكذا ترجمة إسماعيل بن عبدالله بن أويس كما في ” تهذيب التهذيب ” (4) .
وقد توسعت في بيان ذلك في كتابي ” إتحاف النبيل ” (5) فارجع إليه .
والخلاصة : أن من كان كَذَّابًا:فالأصل رَدُّ حديثه كله ، إلا إذا تاب توبة صادقة ، وصرح إمام من الأئمة بقبول روايته الصحيحة أو بعضها ، فَيُعْمَل بذلك ، وإلا فلا ، والله أعلم .
(3) ” الكفاية ” ( ص 190 – 192 ) .
(4) ( 2 / 149 ) .
(1) ( 1 / 70 ) .
(2) ( 11/ 332 )
(3) 3 / 14 ) .
(4) ( 1 / 312 ) .
(5) ( 2 / 189 – 206 ) السؤال ( 219 ).
أضف تعليق