الأسئلة الحديثية

ما حكم الاستشهاد بالمعضل ؟

ما حكم الاستشهاد بالمعضل ؟

قد استشهد به البيهقي في ” السنن الكبرى ” وكذا شيخنا الألباني في “الصحيحة” وصرَّح بالاستشهاد به الشيخ بكر أبوزيد .

ولعل دليل من استشهد به: جواز الاستشهاد بالمنقطع ، ووجهه: أننا إذا استشهدنا بالمنقطع في موضع واحد، فكذلك يلزمنا الاستشهاد بالمنقطع في موضعين ، لأننا نستشهد بالحديث الذي فيه ضعيف أو ضعيفان ، أو فيه أكثر من علة ليست بالشديدة – ما لم يكن منكرًا ، أو يقوم دليل على وهائه – والمنقطع في موضعين يساوي في الجملة المعضل، كما سبق من كلام الحافظ في اعتراضه على الجوزقاني .

وإذا كان المعضل يساوي المنقطع في موضعين ، ونحن نستشهد بالمنقطع في موضعين ؛ لزمنا الاستشهاد بالمعضل ، فلعل هذا هو وجه من استشهد بالمعضل ، والله أعلم

وعندي أن في ذلك توسعًا غير مرضي ، فأصل الاستشهاد بالمنقطع هو الاستشهاد بالمرسل ، ولاشك أن المرسل أحسن حالاً من المنقطع ، لأن المرسل في طبقة عالية، وقد كان الكذب فيها أخف مما بعدها من الطبقات .

وقد قال ابن السمعاني عندما تحدث عن حكم الحديث المنقطع : ” من مَنَعَ قبول المرسل؛ فهو أشد منعًا لقبول المنقطعات ، ومن قَبِل المراسيل اختلفوا ” اهـ .

والاستشهاد بالمرسل فيه خلاف قد سبق بيانه ، والمنقطع أسوأ حالاً من المرسل ، فمع هذا كله: هل يليق بنا أن نقيس المعضل على المنقطع ؟ فيكون قياساً على قياس قائم على أصل فيه نزاع ؟ حيث قسنا المعضل على المنقطع مع الفارق ، والمنقطع على المرسل مع الفارق ، وفي الاستشهاد بالمرسل نزاع وقيود قد سبق بيانها .

ثم لو سلمنا بذلك ؛ فقد يقول قائل: إذا أجزتم الاستشهاد بمنقطع في موضعين؛ فكذلك يلزم الاستشهاد بمنقطع في ثلاثة مواضع أو أكثر ، فإن سلمنا بذلك ، واستشهدنا بالمعضلات؛ سقط معنى تشديد العلماء في الرواية بالأسانيد ، ولزمنا أن نقبل في الشواهد قول أحد المصنِّفين: قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كذا وكذا ، وإذا كان ذلك كذلك – ولاسيما إذا كان الشاهد والمشهود له من هذا الصنف – فعلى الأسانيد السلام ، وانقطع الكلام ، ومن شاء أن يقول قولاً فليقله !!!

وإذا رفضنا الاستشهاد بمنقطع في ثلاثة مواضع فأكثر ؛ لزم التحكم بلا دليل ولا برهان .

فإن قيل: إن الأمر راجع إلى غلبة الظن .

قلت : وغلبة الظن أنه لافائدة في المعضلات ، والمنقطعات المتكررة في السند الواحد، ولا أعرف ذلك عن السلف إلا من كلام البيهقي، وإن وُجِدَ فنادر جِدًّا، لايُقعَّد عليه ، لاحتمال أنهم قبلوه لقرائن أخرى لاتطَّرد في بقية الأحاديث ، والله أعلم .

نعم ، إذا كان هناك من الأسانيد ما يعتمد عليه لذاته أو لغيره ، وانضم إليه شئ من ذلك ، فإن نفعه وإلا ما ضره ” والله أعلم (1) .






(1)وقد فصلت الكلام في ذلك في كتابي : ” إتحاف النبيل ” ( 2 / 235 – 237 ) السؤال ( 226 ) .