الأسئلة الحديثية

إذا عُرِفَ من عادة التابعي أنه لايُرْسِل إلا عن ثقة، فهل يُقْبَل مرسَله أم لا ؟

إذا عُرِفَ من عادة التابعي أنه لايُرْسِل إلا عن ثقة، فهل يُقْبَل مرسَله أم لا ؟

في هذا خلاف بين أهل العلم :

القول الأول: ذهب الجمهور – كما حكاه الحافظ ابن حجر عنهم – إلى الوقف للاحتمال(2)، وذلك يرجع لأمور :

1- أن عدم التصريح بالواسطة يَجعل في النفس رِيبة؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ، ضعيفًا عند غيره ، وإذا كنا قد رددنا توثيق المبهم؛فهذا من جنسه.

2- نخشى من كثرة الوسائط بين التابعي وبين رسول الله – الله عليه وعلى آله وسلم – فإذا كان التابعي يشترط في شيخه أن يكون ثقة ؛ بقي شيخ شيخه ، وهكذا،مع أنه لم ينص على أن يشترط ذلك فيهم أيضا، بل قد وجدنا من يشترط ذلك إذا أراد أن يروي عن ضعيف نزل إلى ثقة،فأخذ عنه عن ذلك الضعيف .

3- ويضاف إلى ذلك: أنه قد يكون ما التزم التابعي هذا الشرط إلامؤخرًا ، وقد سبق له روايات مرسلة، لم يتوافر فيها هذا الشرط ، ولم يتميز لنا هذا من ذاك ، والأصل الاحتياط في عزو الحديث إلى الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولذا وضع الأئمة شروطًا كثيرة لصيانة الحديث النبوي من إلحاق ما ليس منه به ، والله أعلم .

فمع هذه الاحتمالات لا يَتأَتَّى لنا أن ننسب حديثا إلى الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأن نأخذ منه أحكامًا في الحلال والحرام ، ونبيح الدماء، والأعراض، والفروج، والأموال بشئ لانعرف من الذي رواه .

القول الثاني : وذهب آخرون إلى قبوله إذا كان المرسِل قد عُرف من عادته أو صريح عبارته أنه لا يرسل إلا عن ثقة .

واختار هذا القول العلائي، وقال: هذا أعدل المذاهب(1) بل بالغ ابن عبدالبر فنقل اتفاقهم على ذلك(2) .

( قلت ) ويَرِدُ عليه ما سبق من أمور في القول الأول، والله أعلم .






(2)انظر ” النـزهة ” ( ص 111 ) .


(1)انظر ” جامع التحصيل ” ( ص 96 ) .


(2) انظر ” النكت ” ( 2 / 552 ) وفي ” التمهيد ” ( 1 / 30 ) لكنه لم يذكر الاتفاق في هذا الموضع .

للتواصل معنا