الأسئلة الحديثية

ما سبب ضعف هشيم بن بشير وسفيان بن حسين في الزهري؟

ما سبب ضعف هشيم بن بشير وسفيان بن حسين في الزهري؟

كلام العلماء في مسألة هشيم أنَّه ذهب إلى الزهري، وأخذ منه بعض الأحاديث وكتبها في ورقة، وبينما هو راجح إذ لقيه صاحب له، وسأله من أين أتى؟ فأخبره أنَّه قادم من عند الزهري، وأنَّه أخذ منه بعض الأحاديث، فأخرج الورقة ليطلعه عليها، فكانت هناك ريح شديدة، فانتزعت الورقة منه وطارت عليه، فأصبح يحدث بما علق في حفظه من هذه الأحاديث، فمن هنا ضعف في الزهري؛ لأنّه لم يكن قد أتقن حفظها بعد(1)، وأمّا سفيان بن حسين فإنّه سمع من الزهري بالموسم – موسم الحج – ولم يكن المقام كافياً للإملاء، ولا لإتقان التحمل عن الزهري، فمن هنا ضعف فيه، ويرى ابن حبان أنَّ صحيفة الزهري اختلطت عليه. انظر «تهذيب التهذيب» (4/108) والله أعلم(2).

وعلى كل حال فهذه الأسئلة التي حول التراجم وأسماء الرجال، من السهل جداً أن يرْجِع طالب العلم إلى موضعها من كتب الرجال، ويعرف خلاصة ونهاية كلام أهل العلم في ذلك، والله أعلم.

 

 

الحواشي


([1]) في «تاريخ بغداد» (4/87) قال الخطيب: أخبرنا ابن رزق أخبرنا إسماعيل بن علي الحطبي، ثنا الحسين بن فهم، أخبرني الهروي، أنَّ هشيم كتب عن الزهري نحواً من ثلاثمائة حديث، فكانت في صحيفة، وإنبما سمع منه بمكة فكان ينظر في الصحيفة في المحمل، فجاءت الريح فرقت بالصحيفة فنزلوا فلم يجدوها، وحفظ هشيم منها تسعة أحاديث.

وفي إسنادها الحسين بن فهم، قال فيه الحاكم، ليس بالقوي، وقال الدّارقطني: ليس بالقوي وقال ابن كامل: كان يحسن المجلس مقنّناً في العلوم حافظاً للحديث والأخبار والأنساب والشعر عارفاً بالرجال، متوسطاً في الفقه، كذا في «لسان الميزان» (2/308-309) وعلى هذا فهو «لين الرواية» وبه يعل الإسناد.

هذا وقد جاءت من وجه آخر كما في «سير أعلام النبلاء» أبو بكر بن شاذان البغدادي: حدّنا علي بن محمد السوّاق، ثنا جعفر بن مكرم الدقّاق، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، قال: خرجت أنا وهشيم إلى مكة فلمّا قدمنا الكوفة، رآني هشيم مع أبي إسحاق، فقال: من هذا؟ قلت: شاعر السبيع، فلما خرجنا، جعلتُ أقول: ثنا أبو إسحاق قال: وأين رأيته. قلت: هو الذي قلت لك شاعر السبيع، فلمّا قدمنا مكّة مررت به وهو قاعد مع الزّهري، فقلت: أبا معاوية منْ هذا؟ قال: شرطي لبني أميّة فلما قفلنا، جعل يقول: حدّثنا الزهري، فقلت: وأين رأيته؟ قال: الذي رأيته معي، قلت: أرني الكتاب فأخرجه، فخرَّقته. اهـ «وهذا إسناد رجاله ثقات»، والله أعلم.

وقد علق الإمام الذهبي رحمه الله على ذلك بقوله (8/292) من «السير» قلت: قد ذكرنا في ترجمة شعبة أنّه اختطف صحيفة الزهري من يد هشيم فقطعها، لكونه أخفى شأن الزهري على شعبة لما رآه جالساً معه وسأله من ذا الشيخ؟ فقال: شرطي لبني أمية، فما عرفه شعبة ولا سمع منه وهذه هفوة كانت من الاثنين في حال الشبيبة، ثم إن هشيما كان يحفظ من تلك الصحيفة أربعة أحاديث فكان يرويها. اهـ.

([2]) قال ابن حبان في «المجروحين» يروى عن الزهري المقلوبات، وإذا روى عن غيره أشبه حديثه حديث الأثبات، وذاك أن صحيفة الزهري اختلطت عليه، فكان يأتي بها على التوهم، فالإنصاف في أمره تنكب ما روى عن الزهري، والاحتجاج بما روى عن غيره. ثم ذكره في الثقات (6/404) فقال: «وأمّا روايته عن الزهري فإنّ فيها تخاليط يجب أن يجانب، وهو ثقة في غير حديث الزهري، مات في ولاية هارون يجب أن يمحى اسمه من كتاب المجروحين».