الأسئلة الحديثية

إذا قال إمام في راوٍ: مجهول، وقال آخر: ثقة، فهل يعتبر جواباً على تجهيله؟

إذا قال إمام في راوٍ: مجهول، وقال آخر: ثقة، فهل يعتبر جواباً على تجهيله؟

لا شك أنَّه إذا كان الموثِّق ليس من المتساهلين في توثيق المجاهيل، فالمثبِت مقدم على النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم، ومع المثبت زيادة علم ليست مع النافي، هذا كله إذا لم يكن الموثق معروفاً بالتساهل، لكن الرجوع إلى القرائن أمر مهم جداً، فقول إمام من الأئمة على أحد الرواة: «مجهول»، وهو من قبيلته، ومن أهل بلده، ومن طبقته، كقول أحمد أو ابن معين في رجل بغدادي أو شيباني: بأنَّه مجهول، ثم نقف على توثيق الحاكم أو الترمذي أو ابن حبان له، فإننا نزداد تأكيداً بأن قول من جهَّله أولى من قول من وثّقه([1]).

وهذا بخلاف قول أحمد في راوٍ مصري: مجهول، ثم نقف على كلام إمام مثل أبي سعيد بن يونس، الذي ألّف «تاريخ مصر» والذي بلغ المنتهى في رجال الغرب مصر وإفريقيا، فيوثق الرجل، فهنا نقول: من علم حجة على من لم يعلم، فالرجوع للقرائن أمر مهدم، والقول في هذه الحالة قول ابن يونس كما صرح بذلك الحافظ ابن حجر([2])، والمسألة ترجع إلى بلديَِّ الرجل، ورسوخه في النقد، وهل هو في زمانه أم لا، وهل هو متساهل، أو متشدد؟

هذه كلها أشياء يحتاج إليها طلبة العلم عند الترجيح بين كلام الأئمة، الذي ظاهره التعارض في تراجم الرواة، والله أعلم.



([1]) جاء في «الميزان» (2/27) ترجمة دغفل بن حنظلة النسابة…

قال فيه أحمد: «ما أعرفه» قال الحافظ الذهبي رحمه الله -: يكفي في جهالته كون أحمد ما عرفه وهو ذهلي شيباني.

قلت: وساق بعده قول ابن سيرين: كان دغفل رجلاً عالماً، ولكن اغتلبه النسب، ومع هذا حكم عليه الذهبي رحمه الله بالجهالة معتداً بقول أحمد، والله أعلم.

([2]) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «التهذيب» (6/218) ترجمة عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي وابن يونس إليه المرجع في «معرفة أهل مصر والمغرب». اهـ.

فائدة:

وقد يوثق الإمام أحمد المجهولين لاشتباه اسمه باسم أحد الرواة المشهورين، مثاله ما جاء في «الميزان» (2/343) ترجمة الحكم بن عتيْبة بن نهاس كوفي.

قال الذهبي: ذكره ابن أبي حاتم وبيض له: «مجهول»، وقال ابن الجوزي: إنّما قال أبو حاتم: هو مجهول لأنّه ليس يروي الحديث وإنّما كان قاضياً بالكوفة وقد جعل البخاري هذا والحكم بن عتيبة الإمام المشهور واحداً فعُدَّ من أوهام البخاري. اهـ.

للتواصل معنا