إذا لم نجد للراوي في ترجمته: إلاّ تجريح متشددٍ أو توثيق متساهلٍ، فما الحكم؟
إذا نظر الطالب في الترجمة فلم يجد – مثلاً – إلا قول القطان بأن الراوي ضعيف، ووجد توثيق ابن حبان للراوي، أو توثيق الحاكم، فيقدم كلام القطان؛ لأنّنا لو فرضنا أن ابن حبان أو الحاكم قد تفرد أحدهما بهذا القول، ولم يكن له معارض، فنحن لا نعتمد كلامه كاملاً، وهذا ما لمسته من صنيع الحافظ في «التقريب» عند تعليقي على أحكامه في «التقريب»، فتراه يترجم لمن انفرد بتوثيقه أحد المتساهلين مرة بالجهالة، ومرة بقوله: «مقبول» ونادراً ما يقول: «صدوق» – وتفصيل ذلك له موضع آخر-.
هذا إذا انفرد المتساهل، فكيف إذا قوبل بالمخالف له من المتشددين، لا سيما إذا فسّر جرحه، بكون الراوي سيئ الحفظ، مع العلم بأن سوء الحفظ لا ينافي العدالة، فنم الممكن أن يُحمل توثيق منْ وثق مِنَ المتساهلين على العدالة في الدين، وبهذا فلا تكون هناك معارضة، ولا يقال: إنَّ الرجل إذا ثبتت له منزلة الثقة، فلا يزحزح عنها إلا بأمر جليِّ مفسر؛ لأنّنا نقول: بأن مرتبة الثقة لم تثبت بَعْدُ بقول المتساهل، وقولهم: الراوي إذا ثبتت له منزلة الثقة، فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي، محله إذا ثبتت منزلة الثقة له بالشهرة، أو بقول أهل الاعتدال، أو بقول جمهور الأئمة، لا ما إذا اختلف إمامان فيه بين مؤثّق ومضعِّف، أمَّا إذا انفرد متشدد بالجرح، ولم يخالف، فالظاهر اعتماده، بخلاف انفراد المتساهل، والله أعلم.