الأسئلة الحديثية

الذهبي – رحمه الله – أحياناً يعترض على ابن حبان في بعض التراجم ويقول: «إنّه لا يدري ما يخرج من رأسه»، فهل هذا جرح في ابن حبان؟

الذهبي رحمه الله أحياناً يعترض على ابن حبان في بعض التراجم ويقول: «إنّه لا يدري ما يخرج من رأسه»، فهل هذا جرح في ابن حبان؟

لا شك أنّها كلمة جرح، إذا قيلت في رجل: «إنَّه لا يدري ما يخرج من رأسه»([1])، وسبب ذلك أن ابن حبان مسرف في العبارة التي يجرَّح بها، ويتكلّم بعبارة شديدة الجرح، مع أنَّ السبب لهذا الجرح لا يستحق كل هذه العبارة، فقد يخطئ الرجل خطأً محتملاً عند الآخرين، فيقول ابن حبان مثلا: وهذا الرجل يروي عن الثقات ما يخالف حديث الأثبات، فاستحق الترك، هذه كلمة فيها غلو وإسراف، فالرجل قد يكون خطؤه محتملاً، فيصلح في الشواهد والمتابعات، وقد لا يضر حديثَه إذا كان مكثراً، ففي هذه الحالة: قد يقول فيه ابن حبان: يروي عن الثقات ما يخالف حديث الأثبات، ولما كثر هذا في حديثه استحق الترك، أو استحق مجانبة حديثه، أو لا يجوز الاحتجاج به، أو إنما أذكر حديثه للاعتبار أو للاتعاظ والزجر عنه أو للتعريف بحاله وشأن، وغير ذلك من هذه الكلمات، فقد يكون هذا عذر الذهبي، وهذه العبارة تطلق على بعض الرواة الذين يقبلون التلقين، ولا يعرف أحدهم ما يخرج من رأسه، فيكون المعني حينئذٍ: أنّهم قد ساء حفظهم، واشتدّ ذلك فيهم، حتى أصبحوا لا يعرفون ما يخرج من رؤوسهم.



([1]) مثاله ما جاء في «الميزان» (1/441) ترجمة أفلح بن سعيد المدني، قال فيه ابن حبان يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به ولا الراوية عنه بحال، قال الذهبي: ابن حبان ربّما قصب الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه.

للتواصل معنا