الأسئلة الحديثية

الإمام أحمد والبرديجي وغيرهما يطلقون كلمة: «منكر الحديث» على الحديث الفرد، فلو أطلق الإمام أحمد أو البرديجي على راوٍ بأنَّه «منكر الحديث» فهل يُعدّ جرحاً؟

الإمام أحمد والبرديجي وغيرهما يطلقون كلمة: «منكر الحديث» على الحديث الفرد، فلو أطلق الإمام أحمد أو البرديجي على راوٍ بأنَّه «منكر الحديث» فهل يُعدّ جرحاً؟

الإمام أحمد وأبوبكر البرديجي ويحيى بن سعيد القطان وأبوداود والنسائي ودحيم كما سبق أن ذكرت في «شفاء العليل» قد يذكرون النكارة بمعنى التفرد([1])، وليسوا دائماً يذكرونها بمعنى التفرد، خلافاً للتهانوي رحمه الله الذي أطلق، وقال: إن المتقدمين كثيراً ما يقولون: «منكر»، ويعنون به: أن الراوي تفرد بالراوية([2]).

هذا كلام غير صحيح، ولك أن تنظر في كتاب «العلل ومعرفة الرجال» للإمام أحمد رحمه الله فإنّك تجد كثيراً من إطلاقه النكارة على الضعف في الرواة([3])، والإمام البخاري يطلقها على الجرح الشديد([4])، وأبو حاتم يقولها على سبيل الجرح([5])، بل منهم من يطلقها على الحديث الموضوع([6])، فعلى كل حال إذا ظهر أنَّ المقصود بالنكارة التفرد عُمِل به، وإلا فالأصل في إطلاق النكارة الجرح، والله أعلم.



[1])) انظر في «الشفاء» باب ذكر المصطلحات الخاصة (ج1/310-311).

([2]) عبارة التهانوي في «قواعد في علوم الحديث» (ص:259) قال: فرق بين قول المتأخرين: هذا حديث منكر وبين قول المتقدمين ذلك فإنَّ المتأخرين يطلقونه على رواية راوٍ ضعيف خالف الثقات، والقدماء كثيراً ما يطلقونه على مجرد ما تفرد راويه، وإن كان من الثقات فيكون حديثه صحيحاً غريباً… إلخ اهـ.

[3])) جاء في «العلل» و«معرفة الرجال» (1/رقم 815) سمعت أبي يقول: مغيرة بن زياد مضطرب الأحاديث منكرة وكذا في «الكامل» ترجمة أبان بن أبي عياش، قال أبو طالب: سمعت أحمد يقول: لا يكتب عن أبان، قلت: أبان كان له هوى؟ قال: «منكر الحديث» (1/373).

[4])) جاء في «ميزان الاعتدال» ترجمة أبان بن جبلة الكوفي: قال البخاري: منكر الحديث، قال الذهبي: ونقل ابن القطان أنَّ البخاري قال: كل من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل الراوية عنه (1/6).

([5]) من أمثلة ذلك ما جاء في «الجرح والتعديل» ترجمة مروان بن سالم الغفار قال فيه: «منكر الحديث جداً ضعيف الحديث ليس له حديث قائم، فقال عبدالرحمن قلت: يترك حديثه؟ قال: لا بل يكتب حديثه» (5/23) وانظر أيضاً في (7.228) (8/23، 26، 395) من المصدر نفسه، والله أعلم.

([6]) قلت: وقد ذكر ذلك الشيخ عبدالفتاح أبو غدة في حاشية «الرفع والتكميل» (211) قال: ويطلقون: (حديث منكر) على الحديث الموضوع الكذب المفترى يشيرون بذلك إلى نكارة معناه مع ضعف إسناده وبطلان ثبوته، وقد ذكرت بعض أمثلته وشواهده، وأشرت إلى أكثر من ثلاثين نصاً جاء فيها ذلك في (ص:20) من مقدمتي لكتاب «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» للعلامة علي القاري في طبعته الثانية فارجع إليها… إلخ اهـ.

للتواصل معنا