الأسئلة الحديثية

قال ابن عدي: «إنَّ الثقات إذا رووا عن أحد فهو مستقيم الحديث» هل كلمة: «مستقيم الحديث» توثيق للراوي أم لا؟

قال ابن عدي: «إنَّ الثقات إذا رووا عن أحد فهو مستقيم الحديث» هل كلمة: «مستقيم الحديث» توثيق للراوي أم لا؟

لا شك أنَّ كلمة «مستقيم الحديث» توثيق للراوي، لكن هل ما قاله ابن عدي مستقيم؟ سبق الكلام عليه بتوسع عندما سأل ابن أبي حاتم أبا زرعة: عن الرجل يروي عنه الثقات، هل ينفعه ذلك أم لا؟ فقال: هي أي: رواية الثقات عنه تنفعه([1])، ولم يصرح بكونها تنفعه أنه يكون بمنزلة من يقال فيه: ثقة، لكن ذلك يرفع جهالة عينه، وقد يكون إذا كثر عدد من روى عنه من الثقات، حسن الحديث، وكلمة ابن عدي مقيدة بعدد الثقات الذين رووا عنه، فلا بد أن يكونوا كثرة، أو ممن ينتقون، وأن الراوي لم يجرَّح، فإذا كان مجرحاً، فلا تنفعه رواية الثقات،[2] وأمَّا كلمة: «مستقيم الحديث» فهي تتردد بين «ثقة»، و«صدوق»، فإذا رفعنا من حاله فهو «ثقة» وإن شددنا عليه، فهو لا ينزل عن «صدوق»، أو «لا بأس به»، والله أعلم([3]).



([1]) سبق ذلك في السؤال رقم (74).

([2]) ومثال ذلك ما قاله أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى في أبان بن أبي عياش، قال رحمه الله -: وقد روى عن أبان ابن أبي عياش غير واحد من الأئمة، وإن كان فيه من الضعف والغفلة ما وصفه (به) أبو عوانة وغيره، فلا تغتروا برواية الثقات عن الناس؛ لأنَّه يروي عن ابن سيرين أنّه قال إنَّ الرجل ليحدثني فما أتهمه ولكن أتهم من فوقه. «شرح العلل» لابن رجب (1/374).

قال ابن رجب في شرحه: ما ذكره الترمذي رحمه الله يتضمن مسائل من علم الحديث، أحدها أنَّ رواية الثقة عن رجل لا تدل على توثيقه فإن كثيراً من الثقات رووا عن الضعفاء كسفيان الثوري وشعبة وغيرهما، وكان شعبة يقول: لو لم أحدثكم إلا عن الثقات لم أحدثكم إلا عن نفر يسير، وقال يحيى القطان: إن لم أرو إلا عمن أرضى ما رويت إلا عن خمسة أو نحو ذلك وقد سبق ذلك في السؤال رقم (74).

([3]) انظر قولهم «مستقيم الحديث» أو «مستقيم الأمر بالحديث» أو «مستقيم الأمر بالحديث» أو «الراوية» في «شفاء العليل» (ص:124-125) وقد نص مؤلفه حفظه الله أن الأصل فيهما أنَّ الراوي بمنزلة الثقة، والله أعلم.

للتواصل معنا