الأسئلة الحديثية

يقول بعض أئمة الحديث في بعض الرواة: إنَّه أدرك فلاناً، هل يعني بذلك أنَّه سمع منه؟ أو هل الإدراك يلزم منه السماع؟

يقول بعض أئمة الحديث في بعض الرواة: إنَّه أدرك فلاناً، هل يعني بذلك أنَّه سمع منه؟ أو هل الإدراك يلزم منه السماع؟

الأصل في مثل هذا أنَّ الراوي يكون قد سمع من شيخه، فإذا رأينا في الترجمة أنَّ صاحب الترجمة أدرك فلاناً، وفلاناً، فهذا محمول على السماع، إلا أن يأتي قول لأحد الأئمة، يصرح بقوله: «إنَّه أدركه ولم يسمع منه»، فحينئذٍ يُعْمل بهذا، لأنَّ هذا معه زيادة علم، فهو يعلم أنه قد أدركه حقاً، ولكن لم يثبت السماع مع هذا الإدراك، فمن الممكن أنَّه يدرك الرجل، بل ويلقى الرجل، ولا يسمع منه، كما في الإرسال الخفي، يلقى الراوي شيخه، لكنّه لم يسمع منه شيئاً([1])، ومع ذلك فالراوية ليست متّصلة، أمَّا أن نقف في هذه الكلمة، ونقول: نعم قد أدركه، لكنهم لم يصرحوا بالسماع، أو لا يلزم من الإدراك السماع، كما أنَّه لا يلزم من اللقاء السماع، أو كما أنَّه لا يلزم من الراوية السماع!! هذا كله احتمال، لكنّه في هذه الحالة ليس راجحاً([2]).

ففي «تهذيب التهذيب» أو أصله مثلاً نجد الحافظ ابن حجر أو المزي رحمهما الله يذكر الراوي، ويقول: روى عن فلان وفلان، وروى عنه فلان وفلان، فكلمة «روى» في ذاتها لا تدل على السماع، لكن الأصل فيها هنا السماع، إلا أن يأتي في الترجمة أنَّ سماعه من فلان مرسل، ولذلك نراه يقول: روى عن فلان وفلان، وروى عن فلان بواسطة فلان، أو مرسلاً، فهذا يدل على سماعه من الأول مباشرة، ومن الآخر بواسطة، نعم؛ وإن كان الأمر فيه احتمال، ولكن الاحتمال الراجح لصنيعهم يُعمل به، والله أعلم.



([1]) انظر أمثلة على ذلك في السؤال رقم (22).

([2]) الإدراك قد يطلقه العلماء ويعنون به اللقاء أو السماع، وإليك بعض الأمثلة على ذلك فمنها ما جاء في «العلل الكبير» للترمذي فقد حكى رحمه الله في (ص129 برقم 220) عن الإمام البخاري أنّه قال لم يدرك محمد بن علي أمَّ سملة يعني أنّه لم يلقها أو لم يسمع منها وإلا فإنَّه قد أدركها بالسن وقد صرّح أبو حاتم بذلك فقال: «لمن يلق أم سلمة»، وقال أبو طالب: سألت أحمد عن محمد بن علي: سمع من أم سلمة شيئاً: قال لا يصح أنّه سمع. «تهذيب التهذيب» (9/301-302) وفي العلل أيضاً في (ص:241 رقم 437) باب ما قطع من الحي فهو ميت قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث؟ فقلت له: أترى هذا الحديث محفوظاً؟ قال: نعم، قلت: عطاء بن يسار أدرك أبا واقد؟ فقال: ينبغي أن يكون أدركه عطاء بن يسار قديم. اهـ.

للتواصل معنا