هل تنجبر الجهالة بالجمع؟
في أسانيد كثيرة تجد – أو ترى – بعض الرواة يقول: حدّثني أصحاب فلان، أو حدثني جماعة عن فلان، ونحن نعلم أنَّ الجهالة والإبهام علة في صحة الإسناد؛ لأنَّه يشترط في الحديث أن يكون راويه معروفاً بالعدالة، وعدمُ العلم بالجرح؛ لا يدل على إثبات العدالة، فالجهالة تنافي إثبات العدالة، لكن لو جاء عن جمع كثيرين، لا سيَّما إن كان هذا الرجل ممن يتحرى في الراوية وينتقي، ولا يروي عن كل أحد؛ فلا بأس؛ لأنَّ من الرواة من يروي عن كل أحد، فيروي عمَّن دب ودرج، ويروي عن هذا وعن ذاك، وفي مثلهم يقول العلماء: فلان يبيع اللحوم مع العظام، فالذي ينتقي ويروي عن جماعة وهم مجهولون؛ فالظاهر أنَّ جمعهم يجبر الجهالة، بل الذي يظهر لي أنَّه إذا كان ثقة غير معروف بالراوية الكثيرة عن الهلكى، وروى عن جماعة مجهولين، فالجميع يَجْبر الجهالة، وهذا صنيع بعض العلماء قديماً وحديثاً، بل قد أخرج البخاري في «صحيحه» حديثاً من هذا القبيل، انظر الكلام عليه في (الإرواء» (5/128)، وسيأتي – إن شاء الله تعالى – تفصيل القول في ذلك في السؤال رقم (226)، وما فصلته هناك هو المعتمد، والله أعلم.