ما الفرق بين قولهم: «فلان عدل» و«فلان عدَّله أصحاب الحديث»؟
للخطابي – رحمه الله – كلام حول هذا؛ كما نقله عنه السيوطي – رحمه الله – في أول كتاب «تدريب الراوي»، وهو أنَّ قولهم: «عدَّله أصحاب الحديث» يدل على أنَّهم عدّلوه في دينه وفي ضبطه.
أما قولهم، «عدل» – فقط -: فالمتبادر منه أنَّه عدل في دينه، دون التعرض لضبطه وحفظه([1])، مع أنَّهم قد يطلقون كلمة: «عدل» على من هو عدل في دينه وفي حفظه، بل قد يقولون كلمة: «عدل» على الإمام المشهور الكبير الذي له باع في هذا الفن، لكن – على كل حال – عند تجرد الأمر من القرائن؛ فقولهم: «عدّلوه» أو «عدّله أصحاب الحديث» أعلى من قولهم: «عدل» لأنَّ اللفظ الأول يدل على أنَّهم عدّلوه ديناً وضبطاً وحفظاً، إذ أن أصحاب الحديث لا يعدَّلون في الراوية من هو ضعيف في حفظه، واللفظ الثاني يدل على أنَّهم عدّلوه في دينه فقط.
([1]) نقل السيوطي عن الخطابي أنّه حدّ الصحيح بأنّه: ما أتَّصل سنده وعدّلت نقلَته.
قال العراقي: فلم يشترط ضبط الراوي، والسلامة من الشذوذ، والعلّة.
قال: ولا شك أنَّ ضبطه لا بدّ منه؛ لأنَّ من كثر الخطأ في حديثه، وفحش استحق الترك.
قال السيوطي: والذي يظهر ليّ أنَّ ذلك داخل في عبارته، أنَّ بين قولنا: «العدل» و«عدّلوه» فرقاً؛ لأنَّ المغفل المستحق للترك لا يصح أن يقال في حقه عدّله أصحاب الحديث، وإن كان عدلاً في دينه فتأمل. اهـ «تدريب الراوي» (1/64).
(تنبيه):
وفي أثناء مراجعتي مع المؤلّف – حفظه الله تعالى – استدرك فقال: إن ظاهر ما كتبت يدل على أنَّ التفرقة بين عدل وعدَّلوه من كلام الخطابي والواقع أنَّه من دفاع السيوطي عن الخطابي متعقباً للعراقي في تعقبه على الخطابي. اهـ.