الأسئلة الحديثية

الحديث إذا ضعفه أو صححه إمام متقدِّم، وخالفه عالم متأخر أو عصري؛ فبعض أهل العلم يقول: إنّنا نقدم كلام المتقدِّم، وإن كان مع المتأخِّر أدلة؛ فما الصواب في ذلك؟

الحديث إذا ضعفه أو صححه إمام متقدِّم، وخالفه عالم متأخر أو عصري؛ فبعض أهل العلم يقول: إنّنا نقدم كلام المتقدِّم، وإن كان مع المتأخِّر أدلة؛ فما الصواب في ذلك؟

هذه مسألة؛ كما علم في غيرها من المسائل؛ أنَّ العبرة بالدليل، والعبرة بالقواعد التي قعدها أهل العلم، فإذا اتفق أهل العلم على تصحيح حديث، فنحن نأخذ به وإن كان ظاهره الضعف -، وإذا اتفق أهل العلم على ضعف حديث، فنحن نأخذ بكلامهم وإن كان ظاهره الصحة -، ولكن إذا انفرد بالتصحيح أو التضعيف واحد من أهل العلم، مخالفة غيره، فنحن في هذه الحالة إذا لم يظهر لنا خلاف ما يقول أحدهم، فنحن نصحح أو نضعف الحديث، ثم نستشهد بمن سبقنا من الأئمة الذين ذهبوا إلى نفس الحكم الذي وصلنا إليه، لكن لو نظرنا إلى حديث صححه الدارقطني ورأينا فيه علة ظاهرة، وذلك أن الدارقطني قد يحكم في «سننه» على حديث بالصحة؛ لأنَّه يوثق رجال هذا السن، وغير الدارقطني يتكلّم في رجل من رجال هذا السن بالضعف، فإذا جمعنا أقوال الأئمة في رجل من رجال السند، من «تهذيب التهذيب» مثلاً ووجدنا الدارقطني يوثقه، وبناءً على ذلك صحح حديثه لأنَّ التصحيح فرع عن التوثيق -؛ ففي هذه الحالة لو رأينا لابن معين أو لابن المديني أو لأحمد بن حنبل جرحاً مفسراً في الرجل، هل نستطيع أن نقول: إن الرجل قد صحح له الدارقطني، فالحديث صحيح؟ هذا غير صحيح.

وأيضاً لو أنَّ أحداً من المتقدمين ضعف الحديث، لوجود ضعيف في سنده، ثم وقف أحد المعاصرين على طريق أخرى سالمة من العلّة، تشهد للطريق الأولى، أو فيها ضعف خفيف؛ فلا يليق أن نقول أو يقال -: نحن نأخذ بقول المتقدم؛ لأنَّ هذا يدخلنا في باب التقليد، وهو قبول قول الغير بدون حجة، مع ترك الدليل الجلي الذي وقف عليه المتأخر!!

ثم يقال لمن قال ذلك: ما هو الحد الذي يقبل منه قول الإمام المتقدم، ولا يقبل قول من بعده؟ فإن سمى إماماً ذكرنا له تلميذه أو من بعده، فإن ألحقه في قوله، ذكرنا من بعده، وهكذا، إلى أن يرجع عن قوله أو يحد حداً ليس عليه دليل، والله أعلم.