الأسئلة الحديثية

إذا سكت أبو حاتم على الراوي في كتاب «الجرح والتعديل» هل يكون مجهول الحال؟

إذا سكت أبو حاتم على الراوي في كتاب «الجرح والتعديل» هل يكون مجهول الحال؟

أولاً كتاب «الجرح والتعديل» هو لابن أبي حاتم، وهو في هذا الكتاب يسأل أباه وأبا زرعة، وتأتيه أقوال عن الإمام أحمد ويحيى بن معين وغيرهما بواسطة عبدالله بن أحمد وغيره، فإذا ذكر الرجل، وذكر تلامذته وشيوخه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فقد بيّض له؛ عسى أن يقف على كلام فيه، فيلحقه به، كما نص على ذلك في المقدمة([1])، وقد فهم بعض المشايخ المعاصرين أن سكوت ابن أبي حاتم عليه، يكون توثيقاً([2])، ولكن ردَّ عليه بعضهم، وبيّن أن المسكوت عليه عند أبي حاتم، أو في كتاب الجرح والتعديل، ليس معناه أنَّه ثقة عنده، والسبب في ضعف هذه القواعد راجح إلى عدم الاستقراء التام.

فأنا أنصح كل من أراد أن يدعي قولاً، أو يقعد قاعدة: أن يبذل الوسع في مطالعة كلام الأئمة، لأنَّ القواعد كما يقول أهل العلم: يُسْتَدل لها، ثم يُستدل بها.

فالصواب أن نقول فيمن كان هذا حاله: أورده ابن أبي حاتم في كتاب «الجرح والتعديل»، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ثم ننظر إلى عدد الرواة عنه، فإن كانوا عدداً ترتفع بهم الجهالة، رفعنا جهالة العين إلى جهالة الحال، وإلا بقي على جهالة العين، وإن ارتفع عن جهالة العين، فلا يلزم منه توثيق، ويبقى على جهالة الحال، حتى يُذكر فيه توثيق أو تجريح، والله أعلم([3]).



([1]) قال ابن أبي حاتم في بيان منهجه في كتابه «الجرح والتعديل»: «… على أنّا قد ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روى عنه العلم رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم فنحن ملحقوها بهم بعد إن شاء الله تعالى اهـ. (2/38).

ولذلك قال الحافظ ابن كثير في ذكره لموسى بن جبير الأنصاري السلمي مولاهم -: «… وذكره ابن أبي حاتم في كتاب «الجرح والتعديل» ولم يحك فيه شيئاً من هذا ولا هذا «فهو مستور الحال» «تفسير القرآن العظيم» (1/138) وفي «ذيل ميزان الاعتدال» للعراقي ترجمة مهدي بن عيسى أبي الحسن الواسطي.

قال ابن القطان: مهدي هذا لم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحاً ولا تعديلاً، فهو عنده مجهول الحال، وفي «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (3/390 رقم 1130).

قال… ذكر هذا الخلاف فيه البخاري ولم يعرِّف هو ولا ابن أبي حاتم من حاله بشيء فهي عندهما مجهولة. اهـ.

([2]) ممن يذهب إلى تلك القاعدة من المعاصرين، الشيخ عبدالفتاح أبو غدة كما في تحقيقه على «الرفع والتكميل» الطبعة الثالثة (230-248).

([3]) ممن ذهب إلى ذلك ونصره علامة عصرنا ومجدد قرننا الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في «الضعيفة» (1/312-313).

فقد ذكر كلام ابن خزيمة في عمرو بن حمزة القيسي، وقوله فيه: «لا أعرفه بعدالة ولا جرح وتعقب ابن المنذر له بقوله: قد ذكرهما ابن أبي حاتم ولم يذكر فيهما جرحاً، قال الشيخ: فكان ماذا؟ فإنَّ لم يذكر فيه توثيقاً أيضاً، فمثل هذا أقرب إلى أن يكون مجهولاً عند ابن أبي حاتم من أن يكون ثقة عنده وإلا لما جاز له أن يسكت عنه ويؤيد هذا قوله في المقدمة: على أنّا… إلخ ثم قال: فهذا نص منه على أنّه لا يهمل الجرح والتعديل إلا لعدم علمه بذلك، فلا يجوز أن يتخذ سكوته عن الرجل توثيقاً منه له، كما يفعل ذلك بعض أفاضل عصرنا من المحدثين اهـ.

قال عداب الحمش في كتابه «رواة الحديث» (124) ويقصد ببعض أفاضل العصر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى فإنّه يذهب هذا المذهب أحياناً. اهـ.

للتواصل معنا