الأسئلة الحديثية

ذكر بعض العلماء كما في «تدريب الراوي» في آخر الكلام على الحديث المقلوب، أنَّ الحديث المرسل أحسن من الحديث المدلّس، فما وجه ذلك؟

ذكر بعض العلماء كما في «تدريب الراوي» في آخر الكلام على الحديث المقلوب، أنَّ الحديث المرسل أحسن من الحديث المدلّس، فما وجه ذلك؟

لو نظرنا إلى الفرق بينهما من جهة الاتصال وعدمه، فالمدلَّس أحسن حالاً من المرسل([1])، لأنَّ التدليس انقطاع خفيف، بل هو مظنّة انقطاع، ونحن حين نقف في عنعنة المدلس؛ لا لجزم بأنَّه لم يسمع هذا الحديث بعينه من شيخه، بل لريبة في أنفسنا من عنعنته، أو من الصيغة المحتملة التي أتى بها المدلَّس، أما المرسل فهو ما أضافه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، دون ذكر من حدّثه بذلك؛ لأنَّه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قطعاً، فهو انقطاع جلي، لكن لو نظرنا إلى هذا الأمر المسؤول عنه من جهة أخرى، وهي الأسباب التي تحمل المدلسين على التدليس، والأسباب التي تحمل المرسِلين على الإرسال، لعلمنا صحة ما قاله هؤلاء العلماء([2])، فالمدلسون غالباً لا يدلسون إلا لجرح في مشايخهم، وأمّا المرسِلون فقد يرسلون؛ لأنَّهم في مجلس وعظ أو مناظرة أو غير ذلك، وقد ذم الأئمة التدليس ولم يذموا الإرسال، لما سبق ذكره من الإيهام الحاصل في التدليس، بخلاف الإرسال، والله أعلم.

ألا يصح أن يقال جواباً على السؤال السابق: إن المرسل في طبقة القرون المفضلة ولذلك قدِّم على المدلس؟

هذا الجواب ليس مطرداً، فقد وقع التدليس من جماعة من مشاهير التابعين وأتباعهم، وهم من أهل القرون المفضلة بلا شك، وهذا الجواب الذي ذكرته سابق مطرد، ولا يرد عليه ما ورد على هذا الجواب والعلم عند الله تعالى -.

 

 


([1]) ذكر ذلك الحافظ السيوطي في «تدريبه» بعد نقله لكلام الزركشي فيما ضعف لا لعدم اتصاله وهو سبعة أصناف شرها الموضوع، ثم المدرج، ثم المقلوب، ثم المنكر، ثم الشاذ، ثم المضطرب، ثم قال السيوطي: وهذا ترتيب حسن، وينبغي جعل المتروك قبل المدرج، وأن يقال فيما ضعّفه لعدم اتصاله: شره المعضل ثم المنقطع، ثم المدلس ثم المرسل: وهذا واضح «تدريب الراوي» (1/295).

([2]) انظر أسباب الإرسال في السؤال رقم (23)، وأسباب التدليس في السؤال رقم (24).

للتواصل معنا