الأسئلة الحديثية

في بعض التراجم نجد أهل الجرح والتعديل يقولون: «فلان طويل اللحية» فما المقصود بذلك؟

في بعض التراجم نجد أهل الجرح والتعديل يقولون: «فلان طويل اللحية» فما المقصود بذلك؟

من المعلوم أنَّ أهل الجرح والتعديل قد يستعملون ألفاظاً اشتهرت في عرفهم وزمانهم بمعاني مدح أو قدح، فقد نقلوا الكلام من العرف العام، إلى الكلام في الرواة، كقولهم: «فلان كخبز الشعير»، أو «حية الوادي»، أو غير ذلك، ومن ذلك قولهم: «فلان طويل اللحية» وهذه الكلمة معناها عندهم: أنَّ الراوي فيه طيش وخفة وقلة عقل، وأنَّه مغفل في الحديث([1])، وهذا اللفظ من ألفاظ الرد، لكنَّهم قد يذكرون هذا من باب الوصف الخِلْقي للراوي، ولا يقصدون جرحه بذلك([2])، وهذا ليس بالمتبادر من اللفظ عند المحدثين، وسامح الله الذين جعلوا هذا الوصف ذماً للرواة، فقد فتحوا بابشر على المتمسكين بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مع أنَّه قد ثبت أنَّ قوماً طالت لحاهم مع وفور عقل، وقوة دين، وحُسن سيرة، والله أعلم([3]).



([1]) قلت: وعلى هذا المعنى عدة أمثلة سردها المؤلف حفظه الله تعالى في «شفائه» (1/208-209) من ذلك ما جاء في ترجمة مجالد بن سعيد الهمداني، قال أحمد: يرفع كثيراً ما لا يرفعه الناس، ليس بشيء، وقيل لخالد الطحان: دخلت الكوفة فلمَ لم تكتب عن مجالد؟ فقال: لأنّه كان طويل اللحية، «الميزان» (3/438).

([2]) انظر «الشفاء» (1/209).

([3]) من ذلك ما جاء في «النبلاء» (10/518) قال أحمد بن سيار المروزي: يحيى بن يحيى يعني: ابن بكير، عالم خراسان من موالي منقر كان ثقة حسن الوجه طويل اللحية جداً فاضلاً صائناً لنفسه. اهـ.

وفيه كذلك (5/36-37) ترجمة أبي صالح السمان ذكره الإمام أحمد فقال: ثقة ثقة من أ<ل الناس وأوثقهم، وقيل كان عظيم اللحية، وقال أبو الحسن الميموني: سمعت أبا عبدالله يقول: كانت لأبي صالح لحية طويلة، فإذا ذكر عثمان بكى فارتجت لحيته، وقال: هاه هاه، وذكر أبو عبدالله من فضله. اهـ.