وهناك من يستدل على صحة ما جرى من أحداثٍ وتفجيرات؛ بهدمِ وحرقِ المركز التجاري العالمي الذي بأمريكا، ويرى أن في ذلك النفع للإسلام والمسلمين، سواء حدث هذا من مسلم أو كافر، وأن في ذلك مصالح لا يعلمها كثير من الذين يمنعون من ذلك!!
ولا يهمني أن أعرف عين أو اسم صاحب هذا الاستدلال، الذي رمز لنفسه باسم مستعار، إنما الذي يهمني أن أناقش كلامه، وأزنه بميزان أهل السنة والجماعة، وأما معرفة الشخص أو اسمه؛ فلا قيمة – في هذا الموضع – لذلك، ومن أجل هذا؛ فلم أهتم من أول الكتاب بذكر اسم أحد من المخالفين، فإن هذا – مع كونه لا ثمرة له هنا – فهو فاتح لباب النـزاع: هل صح أن فلانًا قال بهذا أم لا ؟ والذي يهمني مناقشة القول المشهور عند طلاب العلم، لا معرفة من هو القائل، سواء صح هذا عن فلان أو لم يصح؛ لأن القول قد لا يصح عن فلان، لكنه صحيح عن غيره، كما تشهد بذلك شبكات ((الإنترنت)) وبأسماء مستعارة، المهم أن صاحب هذا الاستدلال قد قرر صحة ما ذهب إليه من وجوه سبعة، فأذكر كلامه تامًا، ثم أناقشه فيها وجهًا وجهًا – بمشيئة الله تعالى –:
فقد قرَّر أن أحداث الثلاثاء المبارك – حسب تعبيره – في أمريكا، وقعت في دولة محاربة، والدولة المحاربة يُوقع بها الضرر بكافة الوسائل.
وتردَّد الكاتب في كون الفاعل لهذه التفجيرات من المسلمين أم لا، إلا أنه قرَّر أن الفاعل لو كان مسلمًا؛ لكان عمله هذا جائزًا غير مخالف للشرع!!
فقال: ((ورُبَّ قائل يقول: ولكن ما أدلة جواز قتل المسلمين الذين كانوا في مركز التجارة العالمي ؟ فنحن نوافق على أن المعصومين من الكفار يدخلون في واحدة من الحالات المتقدمة – أي التي يجوز فيها قتلهم – ولكن أين نُدخل المسلمين الذين ماتوا في العمليات ممن يعملون هناك ؟
قال: نقول الرد على ذلك السؤال من سبعة أوجه، يكفي أيضًا للمخالف الإقرار بواحد منها؛ ليلزمه القول بالجواز:
الوجه الأول: لم يثبت – حتى الآن – وجود مسلم من ضمن الضحايا، وإذا ثبت؛ نجيب بما بعده.
الوجه الثاني: لابد من معرفة ما هي مبررات الفاعل – إن كان مسلمًا – فإذا كانت المبررات عبارة عن حالة اضطرار؛ جاز له هذا الفعل، وإذا كانت المبررات ليس فيها اضطرار؛ فنجيب بما بعده.
الوجه الثالث: إن غلبة الظن قائمة على أن الأهداف التي ضُرِبَتْ لا يوجد فيها إلا كفار، والعمل بغلبة الظن في الأحكام الشرعية هو الذي يُلْزَم به المَكلَّف.
الوجه الرابع: يرى الشافعي، والجصاص من الحنفية: أنه يجوز تحريق وتغريق وهدم بلاد المحاربين – حتى ولو كان فيها مسلمون؛ ربما يموتون بمثل تلك الأفعال – لأن الكف عن ديار الحرب بمن فيها من المسلمين؛ مفضٍِ إلى تعطيل الجهاد، وأجاب الجصاص عن الآية ) وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ... ( ([1]) الآية: بأنها لا تدل على التحريم، فإذا كان كذلك؛ فيجوز لمنفِّذ العمليات – إن كان مسلمًا – هذا العمل.
الوجه الخامس: إن إطلاق الآية المذكورة آنفًا، وتعميم حكمها؛ يُفضي إلى تعطيل شعيرة الجهاد على كل الدول المحاربة؛ لأنه لا يوجد دولة اليوم؛ إلا وفيها عدد كبير من المسلمين، وحروب اليوم تقتل أعدادًا كبيرة من الناس، فإطلاق حكم الآية باطل؛ لأنه يُبطل شعيرة الجهاد، أو يحصرها بغير دليل.
الوجه السادس: لو أن الفاعل مسلم – وعَلِم بذلك – فإن غاية ما عليه أن يدفع نصف دية المقتول، كما أفتى بذلك محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لمن قتل مسلمي خثعم، الذين كانوا يعيشون بين أظهر أهل الحرب من قومهم، ودفع الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نصف عقْلهم – أي ديتهم – من بيت المال، ولم يُكَفِّر من قتلهم، أو يعنفه، أو يدعو عليه، أو يتبرأ من فعله.
الوجه السابع: يجوز أيضًا معاملة المسلم الذي يعين الكفار ويقويهم على أنه منهم في الحكم الدنيوي،وحُكْمُهُ الأُخْرَوِي: يُبْعَث على نيته، كما خسف الله بالجيش الذي يغزو الكعبة، وفيهم من ليس منهم)).اهـ.
قلت: والجواب على هذه الوجوه من وجوه – إن شاء الله تعالى – ومنها:
1 ـــ لا أعلم دليلًا قاطعًا – يُعتمد عليه – على أن ما جرى بذلك المركز التجاري العالمي قد وقع من قِبَل المسلمين، وعلى كل حال: فهذا باب له أهله الذين يُؤْخَذ عنهم ذلك بالوجه الشرعي، ولَسْتُ في مقام إثبات ذلك أو نفيه؛ لأن علمي بذلك قاصر، إلا أن هناك قرائن إعلامية وغير ذلك، قد تصح، وقد لا تصح، فالله أعلم بالحقيقة، وإن كان هناك من أعلن مسؤوليته عن ذلك من المسلمين – فيما بلغني – فإن صح ذلك؛ فهذا من البلاء والتخبط الفكري، والله أعلم!! –.
2 ـــ أن هذا الفعل لو كان من المسلمين؛ ففيه فساد عظيم، ولو لم يكن فيه إلا قتل الكفار فقط – الذي جَرَّ فسادًا عظيمًا، زيادةً على قتل من لايستحق القتل بعينه إلا بدليل – فكيف وقد اشتهر قتل كثير من المسلمين في هذا الحادث أيضًا ؟! وقد مضى تفصيل ذلك – ولله الحمد – إلا أن كلامي هنا عن الوجوه السبعة التي استدل بها الكاتب، وهذا مجال ردي على الكاتب الذي قرَّر صحة ذلك شرعًا، ولو اكتفى بكونه لا يدري من الذي قام بذلك؛ لما كان هناك حاجة لهذا الجواب، لكنه نسب صحة ذلك للشرع الشريف!! فتعيَّن الجواب عليه في ذلك، ذبًّا عن الدين، ونصحًا للكاتب والمسلمين.
3 ـــ سبق أن الذي يُرْجَع إليه في فتاوى النوازل العامة: هم كبار أهل العلم، وأنهم الذين يقررون كون الدولة الفلانية تُقاتَل ويُلْحق بها الضرر، أم أن المصلحة في ترك ذلك – مع عظيم إضرارها بالمسلمين – ؟.
وإن مما يُؤسف له: أن كثيرًا من المسلمين لم يهتدوا للمرجعية الصحيحة في بابها – لا سيما في هذا الباب الخطير – فأخذوا الفتاوى في هذا الأمر الجسيم من هنا وهناك وهنالك!! وبعض مَنِ اتُّخِذُوا مرجعًا في هذا الأمر العظيم، وزاغ بسببهم فئام من الناس؛ أعلن تراجعه عن فتاواه، فمع دعائي لهم بالبصيرة والثبات والمغفرة؛ إلا أن هذا يزيدنا بصيرة بما نقول من وجوب رَدِّ المرجعية لذوي الحكمة والعلم، وإلا فسنبقى في تخبط وتخليط!! وقد قيل:
متى يبلغ البنيان يومًا تمامه إذا كنتَ تَبْني وغيرُك يهدمُ
وقيل:
ودودة القز ما تَبْنيه تهدمه وغيرها بالذي يبْنيه ينتفع
وقد ساعد على انجرار كثير من العامة وراء هذا الفكر وتعاطفهم مع حَمَلَته: ما يعانيه المسلمون من غطرسة فاجرة بلا حياء ولا خجل، وما يلاقونه من أساليب ماكرة من اليهود والنصارى، فاندفع كثير من العوام وراء هذه العواطف، وتركوا حكمة وتُؤَدة الشيوخ ذوي التجربة والخبرة مع الرسوخ في العلم، وانجرّوا وراء الحماس المتدفق، والخطب الرنانة، وقد آل ذلك إلى أحوال لا تُحمد!! فـ ) يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ( ([2]).
ويصدق عليهم قول القائل:
وكنا حَسِبْنا كلَ بيْضاء شحمةً عَشِيَّةَ لاقَيْنا جُذامًا وحِمْيـرا
4 ـــ ذكر الكاتب أنه لم يصح أن أحدًا من المسلمين قُتل في ذلك المركز!! ولا أدري كيف السبيل إلى صحة ذلك عنده أوعند غيره ؟ فإن كان السبيل الرؤية الحقيقية فقط، وعدم تصديق الأخبار العالمية أو المحلية؛ فيقال له: وكيف رأيتم عدم وجود مسلمين في القتلى؟! هذا، مع أنه قد يتذرع بذلك من يُكَذِّب أو يُشَكِّك في ضَرْب المركز التجاري العالمي أصلا، بحجة أنه لم ير بنفسه، وأن ما نُشر في وسائل الإعلام؛ كذب وزور و((دبلجة))!!.وإذا كان الأمر كذلك؛ فقد فُتح الباب لمن يريد أن يشكك في كثير من الأمور الواضحة!! فإنه لا سبيل لنا جميعًا – في مثل هذه الفجائع – إلا الأخبار المتداولة،نعم قد يكون فيها تهويل، لكن العاقل يستطيع أن يعرف شيئًا من الحقيقة!!
وبهذا السبيل علمنا قتل عدد من المسلمين، عِلْمًا بأن هناك أمورًا قابلة لتكذيبها أو التشكيك فيها، وأمورًا يُستبعد التشكيك فيها، فما هي الحاجة الماسة لادعاء الكفار قتل المسلمين بخاصة ؟ ومعلوم أن دم المسلم – اليوم عند كثير منهم – لا يساوي شيئًا بالنسبة لدم اليهودي والنصراني؟ ثم وجود المسلمين في ذلك المركز ليلا ونهارًا أمر لا يقبل التشكيك، فلماذا نُشكك في وجودهم حالة الاقتحام ؟ ولماذا نشكك في قتلهم مع من قُتل ؟!
5 ـــ استدل الكاتب على جواز قتل المسلمين الذين كانوا في مركز التجارة العالمي – إن صح ذلك عنده – بوجوه، فمنها قوله: ((لا بد من معرفة مبررات الفاعل إن كان مسلمًا، فإذا كانت المبررات عبارة عن حالة اضطرار؛ جاز له هذا الفعل، وإن كانت المبررات ليس فيها اضطرار؛ فنجيب بما بعده )).اهـ.
قلت: لم يوضِّح الكاتب – بجلاء – موقفه من هذه ((المبررات)) هل هي اضطرارية، أم لا ؟ إنما ساق الكلام على سبيل التردد والاحتمال، وإلا لقال: هناك ((مبررات)) اضطرارية لهذا، ثم يقول: ولو سلّمنا بأنها ليست اضطرارية؛ فنجيب بما بعده))!! هذا، وإن كان – فيما يظهر من حالِهِِ – أنه يراها اضطرارية!!
وأيضًا: لم يوضِّح الكاتب ما معنى قوله: ((مبررات اضطرارية))!!
فإن كان يعني: أن الشباب المسلم اضطر لذلك، وإلا فإن الكفار سيقتلونهم – وإن لم يفعلوا العمليات المذكورة –.
فالجواب: من ابْتُلي بالإكراه على القتل – أي إن لم يقتل فلانًا – فلا يجوز له أن يدفع الضرر عن نفسه، وأن يُلحقه بغيره، كما قرر ذلك العلماء – ونسأل الله العافية – فإنه ((لا ضرر ولا ضرار)) هذا، مع أن المنفِّذين لذلك لم يسْلَموا، ولم يسْلَم غيرهم!!
وإن كان الكاتب يعني بالاضطرار: أن يُلْجأ الإنسان إلى هذا الفعل، ولا مناص له إلا بالاقتحام فيه، وإلا ترتب على ذلك ضرر عظيم به أو بالأمة، وأن هذا الفعل أصلح له ولأمته، وإن راح ضحيته من المسلمين من راح!!
فإن يكن هذا مقصوده؛ فهل الضوابط السابقة متوافرة في صنيع هؤلاء ؟ فما هو الملجئ الذي لا مناص منه في ذلك الفعل ؟ وما هو الضرر الذي دفعناه عن أمتنا بهذا الفعل ؟ وما هي المصلحة الراجحة التي حققناها لأمتنا من ورائه ؟!
كل هذه أسئلة يتعين على من قال بذلك أن يُجيب عنها، مع بيان حقيقتها في الواقع، وسيجد في الواقع ما يدل على غير ذلك، كما سيأتي – إن شاء الله تعالى –!!
فإذا كانت هذه ((المبررات)) ليست شرعية، أو – على أقل الأحوال– لها أصل في الشرع،لكنها ضارة غير نافعة؛ فهي غير معتبرة شرعًا، وعلى ذلك فما تولَّد عنها – من الاقتحام وغيره – لا يكون شرعيًّا، والله تعالى أعلم.
6 ـــ قول الكاتب في الوجه الثالث: ((إن غلبة الظن قائمة على أن الأهداف التي ضُرِبت لا يُوجد فيها إلا كفار، والعمل بغلبة الظن في الأحكام الشرعية؛ هو الذي يُلْزم به المكلَّف)).اهـ.
قلت: غلبة الظن معتبرة في الأحكام الشرعية، لكن من الذي رخَّص لأي مسلم أن يقوم بذلك أولا ؟ ثم إن كان القيام بذلك جائزًا؛ فمن الذي يُخَوَّل إليه النظر في ذلك، والاعتبار بغلبة ظنه وتقديره للأمور ؟!
وأيضًا: فمما يدل على خطأ من قدَّر هذا التقدير، حتى غلب على ظنه صحة الإقدام على ذلك أمور:
أ ـــ كيف غلب على ظنكم عدم وجود مسلمين في ذلك المركز التجاري آنذاك ؟ وأنتم تعلمون تردد المسلمين على ذلك المركز ليل نهار – سواء كانوا في عمل جائز أو غير جائز – ووجود المسلمين في هذا المركز ظاهر من اسم المركز، فإنه عالمي، والمسلمون من جملة هذا العالم!!
ب ـــ سلمنا بأن دراستكم قد أثمرت ذلك، وأنكم أهل لإجراء هذه الدراسة؛ فهل انتهت دراستكم في الدقيقة التي تم فيها التنفيذ، وليس هناك فاصل زماني بينهما، أم لا ؟ لا شك أن الأول مستبعد جدًّا – عادة – فبقي أن دراستكم هذه قد انتهت بعدم وجود مسلمين في اليوم الذي سيتم فيه التنفيذ، وما بين ذلك وساعة التنفيذ وَقْتٌ ما قد يطول أو يقصر، فمن أين غلب على ظنكم أن هذا الوقت لم يدخل المسلمون فيه ذلك المركز التجاري، فيوافقوا ساعة التنفيذ، فيجرى عليهم ما جرى على غيرهم ؟ إن هذا ليدل على قلة مبالاتكم بدماء المسلمين!!
جـ ـــ سلمنا بأن دراستكم انتهت ساعة التنفيذ، وغلب على ظنكم عدم وجود مسلم في المركز في ذلك الوقت، فهل غلب على ظنكم أيضًا عدم وجود أموال للمسلمين في ذلك المركز، وقد دخلت تلك الأموال ذلك المركز لأعمال تجارية مباحة أو غير مباحة شرعًا أم لا ؟ والمسلم معصوم المال والدم والعرض، فإن أنكرتم؛ كابرتم، والله المستعان ؟.
فإن قلتم: هذه أموال يغلب عليها الربا.
فالجواب: أن هذا الإطلاق لا يُسلَّم لكم، ولو سُلِّم لكم؛ فهل جاءت الشريعة بتعزير صاحب الربا باقتحامه وحرقه وحرق أمواله بالطيران ؟!
فإن قلتم: هذه أموال يستفيد منها اليهود والنصارى، لأنها تقوي اقتصادهم.
فالجواب: أن أصل التجارة مع اليهود والنصارى جائز في الإسلام، وإن كانوا يستفيدون من هذه التجارة ولا بد، ومع ذلك فلم يحرم الإسلام هذه التجارة، لأن المسلمين يستفيدون أيضًا منها، ولأن حاجة الناس بعضهم إلى بعضهم – في هذا الباب – يشق على الناس منعُهم منها، وإن سَلَّمنا بأن ما ذكرتم حق؛ فهل يكون العلاج بما فعلتم ؟ ولو كان ما فعلتموه جائزًا في الأصل؛ ألا تنظرون إلى عاقبته ومآله ؟!
كل هذا يدلنا على أن العاطفة الجياشة عندكم؛ حالتْ بينكم وبين معرفة الأمور على حقيقتها، والله تعالى أعلم.
7 ـــ واستدل الكاتب بقوله: الوجه الرابع: يرى الشافعي، والجصاص من الحنفية… الخ، وهذا ليس فيه دلالة على ما ذهب إليه من الجواز، وذلك من وجهين:
أ ـــ هل قول الشافعي والجصاص حجة لذاته، أم لا بد من الدليل الصحيح على قولهما – هذا لو سلمت بصحة استدلالك بكلاميهما في موضع النـزاع – ؟!
ب ـــ لما رجعت إلى كلام الجصاص في ((أحكام القرآن))([3]) وجدت ما يلي:
▪ سياق الكلام في شن الغارة التي لا بد منها، والمصلحة فيها متحققة، وفي مثل هذه الحالة؛ لا يتأتّى تمييز المعصوم من غيره، وقد سبق الكلام عن شروط الجواز في مسألة التترس، وهذا بخلاف من شن غارة بدون رجوع إلى أهل العلم، ودون اضطرار لذلك، ويكون ضررها أكثر من نفعها!!
▪▪ يوجد كلام لمالك والأوزاعي وغيرهما – في المصدر نفسه الذي نقل منه الكاتب – بخلاف كلام الشافعي والجصاص الذي اقتصر عليه الكاتب، فلماذا نقل الكاتب ما يوافق قوله دون ما يخالفه ؟ والأمانة العلمية – في هذا الموضع – تقتضي ذكر كلام المخالف، أو الإشارة إليه، أو الرد عليه.
▪▪▪ ما أجاب به الجصاص على قوله تعالى: ) وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ( ([4])، جواب ضعيف، قد رد عليه كثير من الأئمة والمفسرين، وذكروا أن ذلك يدل على تحريم الاقتحام على الكفار في ديارهم ونحو ذلك مع وجود المسلمين، ومن رجع لكتب التفسير؛ علم صحة ذلك، فلماذا اقتصر الكاتب على نقل هذا القول الضعيف، الذي بالغ صاحبه في الاسترسال في النظر، مع ترك صريح الآية ؟!
والصحيح: أن الآية تدل – كما قال مالك وغيره – على حرمة قتل المسلم مع المشرك إذا تترس به أونحو ذلك؛ إلا في حالات قد سبق تفصيل العلماء لها، وليس ما نحن بصدد مناقشته مع المخالفين من هذه الحالات، والله أعلم.
وإذا كان الله عز وجل قد أخّر الفتح المبين والنصر العزيز – وهو فتح مكة – من أجل بعض المؤمنين الذين لا يُعرفون، ولم يأذن لنبيه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يقتل الكفار، ويستبيح مكة؛ لوجود فئة مؤمنة مخالطة لهم، وغير متميزة عنهم – مع ما في الفتح من نصر عظيم، إلا أن تأخيره لا يؤدي إلى استفحال شر العدو وقوة شوكتهم – فكيف تُجوِّزون لأنفسكم قتل كثير من المسلمين من أجل قتل بعض الكفار ؟ وقد لا تتمكنون إلا من قتل المسلمين فقط ؟! ومع هذا كله؛ فالضرر حاصل نقدًا ونسيئة!!
▪▪▪▪ ليس في كلام الشافعي والجصاص ما يدل على أن تحريق وتغريق وهدم بلاد المحاربين بمن فيها من المسلمين؛ من أجل عدم تعطيل الجهاد – كما ذكر الكاتب – فإن الجهاد منه جهاد اختيار، وجهاد اضطرار، وحالة الاضطرار قد سبق الكلام عليها مفصلا، وأما في حالة الاختيار؛ فلا يجوز الإقدام على قتل معصوم – مسلمًا كان أو غيره إلا بتفاصيل معروفة عند العلماء – والحالات التي يجوز فيها قتل الكافر المعصوم؛ راجعة للاضطرار، أو لنقض الكافر عهده، أو إخلاله بشروط المسلمين، ونحو ذلك من تفاصيل.
ورَفْع راية الجهاد لا يكون إلا بشروط، فإذا لم تتوافر؛ فيجب الترك والكف، وكل هذا راجع لمصلحة الدين، وإعلاء كلمة الله عز وجل.
فدعوى قتل المسلمين مع الكفار، لإبقاء عَلَم الجهاد؛ جَهْلٌ بالشريعة والجهاد،ونخشى أن يأتي بعد ذلك من يريد المحافظة على رفع راية الجهاد – بهذا التصور –؛ فيشن الغارة على أهل البدع: من مرجئة وقدرية ومعتـزلة وشيعة ونحو ذلك لمجرد البدعة – وإن كانوا مسلمين، وإن كان السلف لم يفعلوا ذلك –!! بل ربما شنّ الغارة على مخالفه من أهل السنة، لإبقاء عَلَم الجهاد مرفوعًا!! فنعوذ بالله من أن نكون ممن زُيِّن له سوء عمله؛ فرآه حسنًا!!
8 ـــ واستدل الكاتب في الوجه الخامس بقوله: ((إن إطلاق الآية المذكورة آنفًا، وتعميم حكمها – ولعله يعني آية الفتح السابقة – يُفضي إلى تعطيل شعيرة الجهاد على كل الدول المحاربة…)) الخ كلامه.
قلت: والجواب من وجوه – إن شاء الله تعالى –:
أ ـــ لا جهاد إلا بقوة وشوكة، وفتوى لأهل العلم والاستنباط، وأن يكون ذلك وراء إمام مسلم مُمَكَّن، وتكون كلمته فيه هي العليا، وما تفعلونه ليس كذلك.
ب ـــ إذا تعطل الجهاد العام بالسيف مدة؛ فلا يلزم من ذلك تعطيل الجهاد مطلقًا، فالمسلمون يمرون بمراحل قوة وضعف، وكل حالة لها ما يليق بها من الأحكام الشرعية – وقد سبق تفصيل ذلك –.
ج ـــ لو تمكن المسلمون – إن شاء الله تعالى – فلإمامهم أن يخاطب المسلمين الذين في بلاد الحرب بما يراه أصلح لهم وللإسلام وأهله، فلا تعطيل للجهاد الشرعي، أما الجهاد البدعي؛ فلا نرفع به رأسًا، بل هو فساد في الأرض، ولا نبالي بما خالف الشرع الشريف– ولا حول ولا قوة إلا بالله –.
واعلم أن الجهاد الشرعي ماضٍ في هذه الأمة إلى يوم القيامة، بين كثرة وقلة، وشيوع واضمحلال، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم، حتى تأتيهم الساعة))، وقد مرت مراحل ضعف لم يكن فيها قتال بين المسلمين والكفار، ولو لمدة قصيرة، ولاينفي هذا وصف هذه الطائفة بقتالها مخالفيها من أجل الدين، إذا كانت تعتقد ذلك وتعدُّ له، وفي التاريخ بيان لذلك، والله أعلم.
د ـــ لو فرضنا أن الجهاد الشرعي قد تعطل بسبب ضعف المسلمين في باب الإعداد الصحيح: بالمعتقد السليم، والإعداد المادي بما يناسب كل عصر، فمعلوم أن الله عز وجل لا يُكلف غير المستطيع، فلماذا هذا التهويل ؟!
إنما يجب علينا أن نحث المسلمين على استدراك ما فاتهم، بالإعداد الشرعي والمادي، أما أن نحثهم على اقتحام ما فيه هلاكهم؛ فلا!!
فظهر من خلال هذا أنه لا وجه للكاتب في هذا الوجه – أيضًا– على دعواه، والله أعلم.
9ـــ واستدل الكاتب في الوجه السادس بما رُوِي في قتل مسلمي خثعم، وهي قصة مرسلة لا تصح، وهاك البيان:
عن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأمر لهم بنصف العقل، وقال: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تراءى نارهما)) أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما، وقد رجح البخاري والترمذي وغيرهما أن الحديث مرسل، وأن ذِكْرَ جرير فيه خطأ، وأن الصواب أنه من رواية قيس بن أبي حازم عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرسلًا، وأن من رواه عن إسماعيل ابن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم مرسلا؛ أكثر وأحفظ ممن رواه عنه مسندًا، فالإسناد شاذ، والمحفوظ هو الإرسال، وإن كان الحديث المرفوع له شواهد، انظرها في ((الإرواء))([5]) إلا أن الحديث ليس فيه شاهد أصلا للمخالف في موضع النـزاع، إنما الشاهد – عنده – في القصة، وهي لا تثبت.
وأيضًا: لو سلمنا بثبوتها، فهل كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يعلم وجود هؤلاء المسلمين بين أقوامهم، ومع ذلك أرسل سرية لقتالهم بمن فيهم من المسلمين إبقاءً لِعَلَم الجهاد ؟! ولماذا – إذا كان ذلك كذلك – أخَّر الله فتح مكة، والعلة واحدة ؟! ثم لماذا لم يشرع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نصف الدية لكل مسلم يُقْتل كذلك ؟!
وهل أنتم تعطون نصف الدية لمن تقتلونه في عملياتكم هذه ؟! أم أنها أدلة تستدلون بها فقط لإسكات مخالفكم ؟! ولكنكم لا تعملون بها!!
وتأمل كيف يستدل بعض الشباب بأحاديث ضعيفة، ويفرحون بكلام الجصاص الذي استرسل في تأويل آية الفتح على غير وجهها بدون دليل، وهذا من شؤم الاعتقاد ثم الاستدلال!!
وأما قول الكاتب: ((… ولم يكفِّر من قتلهم، أو يعنفه، أو يدعو عليه، أو تبرأ من فعله)).اهـ.
فيجاب عنه: بأن التكفير حكم شرعي، فلا يجوز أن يُكَفَّر من لم يستوف شروط التكفير، وأكثر أهل العلم على عدم تكفير الخوارج المارقين، مع تكفيرهم بعض المبَّشرين بالجنة، وبقية الصحابة، واستحلال الدماء بالتأويل الفاسد، فكيف بغيرهم الذين لم يقولوا بكل مقالاتهم ؟! إلا أن هذا الذي يفعلونه بدعة في الدين، وضلالة وفتنة، ويجب نصحهم، وتعنيف وتأديب من لم يرجع إلى الأدلة الشرعية، وفتاوى أهل العلم الراسخين، ويكون هذا التأديب شرعيًّا – ويُدعَى لفاعل ذلك بالهداية والصلاح، ويُتبرأ من فعله – لا كما يقول الكاتب فالنبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما بلغه أن خالد بن الوليد – وهو سيف الله حقًّا – قتل بني جُذَيْمَة، وهم قوم لم يستطيعوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأْنا، فقال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- :((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد))([6]).
10ـــ واستدل الكاتب بالوجه السابع، وفيه: ((يجوز أيضًا معاملة المسلم الذي يعين الكفار ويقويهم؛ على أنه منهم في الحكم الدنيوي، وحكمه الأخروى: يُبْعَث على نيته…))الخ.
قلت: سبق الكلام على استدلالهم بحديث: ((ثم يبعثون على نياتهم)) بما يغني عن إعادته.
وأيضًا: فهل الأطفال والنساء والأبرياء الذين تقتلونهم يعينون الكفار ؟!
ولو سلَّمنا بأن الرجل الذي قتلوه في التفجيرات يعين الكفار؛ ففي أي شيء يعينهم ؟ هل يعينهم في أمور لا صلة لها بالإضرار بالمسلمين، كالطب ونحوه، أو يعينهم في ميدان الحرب ؟ فإن هناك فرقًا بين هذا وذاك، كما لا يخفى!!
ثم كيف ثبت عندكم أن المسلم الذي كان موجودًا في المركز التجاري العالمي كان ممن يعين الكفار على المسلمين ؟! ألمجرد أنه دخل المركز التجاري مع صديق له مثلا ؟ أو لأن له مالا في ذاك المركز، أو نحو ذلك ؟! ألا ترون أن هذا الحال يجرئ المرء على انتهاك الحرمات، وحرمة المسلم عند الله عظيمة ؟!
فإذا قلتم: إن المسلم الذي يكون في المركز التجاري؛ يعينهم بوضعه المال عندهم، ونحو ذلك.
فالجواب: أنه يلزمكم أن تعدّوا كل من دخل أمريكا وغيرها من المسلمين – ولو للعلاج – أو اشترى منتجاتهم – وهذا لا يكاد ينجو منه أحد –؛ فقد أعانهم؛ لأنهم يستفيدون من دخوله عندهم، أو شرائه منتجاتهم في أمور كثيرة أو قليلة، كما لا يخفى!! وإذا وصل بكم الأمر إلى ذلك؛ فالحكم يشمل كل من دخل بلاد غير المسلمين أو استفاد منهم بشيء!! ثم إذا كنتم تحكمون على حكام المسلمون جميعًا – بدون تفصيل – بأنهم كفار، وأنهم أولى بالحرب من غيرهم، وأن بلادهم بلاد كفر، أو حرب؛ فكل مسلم يقيم فيها، أو يعمل فيها؛ فقد أعانهم، ويُلحق بهم في جواز قتله – بناء على لازم قولكم –!!
إن هذا كله يدل على أن بعض الشباب قد فتحوا باب شر على أنفسهم وعلى غيرهم، ولايُستبعد أن يأتي من يقول بلازم قولهم هذا، فنعوذ بالله من الحوْر بعد الكوْر!!
أقول: هذا في مقام الرد على الغلو، وإلا فلو أمكن المسلم أن يبتعد عن بلاد الكفار – سلامة لدينه من الفتن – بل يبتعد عن البلاد التي فيها فتنة لدينه من بلاد المسلمين، لو أمكنه ذلك دون وجود مفسدة أكبر، أو تفويت مصلحة أعظم؛ فهذا مما يجب عليه شرعًّا، والله أعلم.
11 ـــ لقد وعدت ببيان المفاسد التي أصابت الإسلام من وراء ما جرى في المركز التجاري العالمي،ولا شك أن هذه المفاسد كثيرة جدًّا، ولكنني سأذكر ما حضرني منها – حسب علمي – ثم أريد مِنْ كل مَنْ يبحث عن الحق أن يقارن بين ذلك، وبين ما سأذكره من مصالح في نظر المخالف – إن شاء الله تعالى –!!
أ ـــ إن المخالفين هنا متفقون – فيما أعلم – على أن دولة طالبان الإمارة المسلمة الوحيدة في هذا العصر – حسب قولهم –!! ويصفون أميرها بأمير المؤمنين، وقد تذرّعت أمريكا بما جرى في المركز التجاري، فسحقت الشعب الأفغاني، فلا يُحصِي دماءه وآلامه وجراحه وآهاته- رجالا ونساءً وأطفالا وشيوخًا – وخساراته المادية إلا الله – عز وجل –، وانتهى ذلك بإسقاط إمارة طالبان؛ وهذا الأمر لا يشك فيه عاقل – اليوم – فهل سقوط دولة الإسلام الوحيدة – في نظركم – أقل خسارة من بقاء المركز التجاري العالمي دون تعرض له ؟! أجيبوا ليعلم الجميع كيف تقدرون المصالح والمفاسد!!
وإذا كان سقوط دولة الإسلام وآخر معاقله – عندكم – واحتلال النصارى بلاد المسلمين، وتبديل حكم الله بحكم الشرق أو الغرب، وطيّ فراش الفضيلة، ونَثْرُ جمرات الرذيلة، مع ما في ذلك من دماء وأشلاء، وإهلاك للحرث والنسل، فإذا كان هذا كله وغيره أخف ضررًا من إبقاء مركز تجاري دون حرقه؛ فلماذا بالَغْتُم في أمر ((الحاكمية)) حتى ما سلم منكم كبير ولا صغير يخالفكم ؟ وهم ما خالفوكم إلا فيما هو دون خسائر المسلمين في أفغانستان بما لا يعلمه إلا الله – عز وجل –؟!
ب ـــ لا تزال أمريكا تهدد كثيرًا من دول الإسلام بحجة: ((مكافحة الإرهاب)) فجرى بالعراق ما جرى، وكثير من البلاد تنتظر ماذا يجري لها – وأسأل الله أن يدفع شر كل ذي شر عن الإسلام وأهله – وكل هذا بسبب ضعف أو تَمَسْكُن المسلمين، وبسبب تهور وغلو المخالفين.
فهل سقوط بعض هذه الدول، وتهديد أخريات؛ لا يساوي مفسدة ترك ذلك المركز دون تحطيم ؟!
ج ـــ الضغط على الدول التي لم تُحْتل أرضها، وهذا الضغط له آثاره على الدين والدنيا، بما لا ينازع فيه أحد، وما لجُرْح بميت إيلام!!
د ـــ إثارة الفوضى في بلاد المسلمين، لأن الحكام ينظرون تجاه هذه الضغوط بنظرة ما – وقد تكون صحيحة من بعضهم، وباطلة من الآخرين – والشباب ينظرون بنظرة أخرى، ومع اختلاف النظرتين وسبيلَي العلاج – مع الإعراض عن رأي كبار العلماء من الطائفتين في كثير من البلدان – أثيرت فتن جسيمة، وقد كان الناس شبه مستورين قبل هذه الفتن، فكُشِف سترهم، والله أعلم بماذا ينتهي المطاف، فأسأل الله أن يحفظ الإسلام وأهله وبلاده، وأن يُؤَمِّنهم في ديارهم، ويدفع عنهم شر كل من أرادهم بسوء.
هـ ـــ سبق ذِكْرُ مفاسد كثيرة بسبب التفجيرات، وهي داخلة هنا أيضًا، والله المستعان.
فهل هذه المفاسد – وغيرها– دون مفسدة بقاء ذلك المركز التجاري؟! فبأي ميزان يزن الشباب ؟
ومن أي قواعد ينطلقون ؟! أليس هذا كله يزيدنا بصيرة في حكمة الشيوخ، وحَذَرًا من عجلة الشباب ؟!
وبهذا ينتهي الجواب عن هذه الشبهة، والله تعالى ولي التوفيق والهداية والسداد.
([1]) [ الفتح: 25 ].
([2]) [ يس: 26 ].
([3]) (5/273-276) ط/ دار إحياء التراث.
([4]) [ الفتح: 25 ].
([5]) (5/30-32) برقم (1207).
([6]) أخرجه البخاري برقم (4339).