الأسئلة العامة

حكم الحلف بغير الله

السؤال : نسمع كثيرًا من الناس يحلفون بغير الله عز وجلّ ، فيقول بعضهم : ” أمانة كذا أو كذا… ” ، وقد يقول آخر : ” وشَرَفي ” ، أو: ” وحياتي ” ، أو يحلف بفلان من الناس ، أو بحياته، أو مكانته ، وللأسف بعضهم يقول : ” لا وَثَن ، أوْ ” لي فَقْدُ فلان ، أو لِي

فَقْدُك ” ، وغير ذلك من العبارات التي تجري على لسان كثير من العامة – لاسيما في البوادي – بل أحيانًا تجري على لسان الخاصة والوجهاء , فما حكم الشرع في ذلك ؟

 

الجواب : الحلف بغير الله إثم عظيم ، ومنكر قبيح ، وقد وردت أدلة كثيرة تحرم ذلك وتنهى عنه .

فمن ذلك : ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : “ إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفًا ؛ فليحلف بالله , أو ليصمت “.

وما رواه مسلم من حديث عبدالرحمن بن سمرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : “ لا تحلفوا بالطواغي ، ولا بآبائكم والطواغي : هي الأصنام التي تُعْبَد وتُعَظَّم من دون الله عز وجلّ .

وما رواه البخاري ومسلم من حديث عمر t قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : “ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ” قال عمر : فوالله , ما حَلَفْتُ بها منذ سمعت رسول اللهصلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنها، ذاكرًا ولا آثرًا، أي : حاكيًا عن غيري أنه حلف بغير الله .

وهذا من تعظيم عمر – رضي الله عنه – لشعائر الله , وبُعْدِهِ عن الشبهات ، ونُفْرته مما خالف الشرع , فرضي الله عنه وأرضاه .

وقد كان النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إذا حلف يقول : “ والذي نفس محمد بيده… ” أو : “ والذي نفسي بيده… ” ونحو ذلك ، وقد كان ابن عمر – رضي الله عنهما – يقول : والذي يحلف به عبدالله بن عمر… ، وكان علي بن أبي طالب t يقول : والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة… ، فكل هذا حلف بالله U .

وعند أبي داود بسند صحيح : “ من حلف بالأمانة ؛ فليس منا ” ، لأن الأمانة ليست من أسماء الله ، ولا من صفاته سبحانه ، وإن كان العامة يقولون : الأمانة عَسِرَةٌ وعظيمة ؛ فالله أعظم وأعزّ وأجلّ من الأمانة وغيرها ، وهو الذي يُحْلَف به وحده ، ولا يُحلَف بملَك مقرب، ولا بنبيٍّ مرسل، فضلاً عمن دون ذلك .

فالواجب على المسلمين أن ينتهوا عن الحلف بغير الله ، وإن كانوا صادقين بارّين ، ولأَنْ يحلف الرجل بالله كاذبًا – على ما فيه من الإثم والفجور – خير له من أن يحلف بغيره صادقًا ؛ لأن العلماء يرون أن الحلف بغير الله -إن صحبه تعظيم وإجلال للمحلوف به مثل إجلال الله- فهو كفر مخرج من الملة ، وإن لم يصحبه تعظيم ؛ فهو إثم وفسق ، وبعضهم يعده من الشرك الأصغر . انظر ” فتح الباري ” (11/531) .

وعلى من حلف بغير الله أن يُكَفِّر عن حلفه بقولـه : “ لا إله إلا الله ” لما ثبت عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” من حلف منكم , فقال في حلفه : باللات والعزى ؛ فليقل : لا إله إلا الله… الحديث . والله أعلم .

( تنبيه ) : لم أستدل بحديث : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) لأن فيه علة خفية , تقدح في صحة هذا اللفظ ، بينتها في تحقيقي لكتاب ” الداء والدواء ” ، والذي سميته ” كشف الغطاء بتحقيق أحاديث وآثار الداء والدواء ” يسَّر الله النفع به في الدنيا والآخرة .

للتواصل معنا