الأسئلة الحديثية

لو ذكروا أنَّ للثقة الحافظ أحاديث غلط فيها؛ فما العمل؟

لو ذكروا أنَّ للثقة الحافظ أحاديث غلط فيها؛ فما العمل؟

الثقة الحافظ، أو الثقة فقط، الأصل في حديثه الاحتجاج، والأصل في حديثه أنّه صحيح حتى يثبت أنّ هذا الحديث من أوهامه، فنحن لا بدّ أن نعلم أنّه ما من واحد من الأئمة إلا وله أغلاط، لكنَّها قليلة، وتنغمر في سعة ما روى من الأحاديث الصحيحة الثابتة القوية([1]).

فنحن في مثل هذا إذا رأينا في ترجمة الرجل: «ثقة حافظ غلط في أحاديث»، أو «غلط في حديث» فنحن نحتجّ بحديثه، ما لم ينص الأئمة أو أحدهم على أنّ هذا الحديث من أغلاطه، أو ما لم يظهر لنا عند جمع الطرق أن هذا من أوهامه.

وأيضاً الصدوق الذي يقولون فيه: «ربِّما وهم»، الأصل في حديثه الحُسنُ، حتى يثبت أنَّ هذا من أوهامه، إمّا بنص واحد من العلماء، فيذكر هذا الحديث من مناكيره، أو في ترجمته وأن العهدة عليه، أو إذا جمعنا طرق الحديث فوجدنا الراوي قد خالف من هو أوثق منه، فكل هذا يسوغ لنا الحكم بضعف الحديث – وأمّا: «صدوق له أوهام» و«صدوق يخطئ»، و«صدوق يهم» فعندي أنَّ هذه الألفاظ من ألفاظ الاستشهاد، وليست من ألفظ الاحتجاج، وهذه مسألة إن شاء الله سأبينها بشيء من التفصيل في الجزء الثاني من الكتاب، وأذكر الأدلّة التي وقفت عليها من كلام أهل العلم.



([1]) قال الإمام مسلم رحمه الله في كتابه «التميّز» (ص:132): «ليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا وإن كان من أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقاناً لما يحفظ وينقل إلا والغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله».

وفي «الكفاية» (ص:227-228): عن سفيان الثوري: قال: ليس يكاد يفلت من الغلط أحد، إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط وإن كان الغالب عليه الغلط ترك.

وقد سبق في ذلك أيضاً كلام الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمة هشام بن عروة من «السير» (6/35-36) و«الميزان» (7/85-86) فليراجع، والله أعلم.

للتواصل معنا